لا شك أن الفساد كيفما كان يعتبر ثغرة للدمار.. وهو موجود وسيظل كذلك في كل مكان.. لسبب بسيط: وهو أن تلك طبيعة الحياة القائمة بين قطبي الشر والخير كل واحد يجذبها إليه منذ بدء الخليقة وحتى تنتهي.. يمكننا أن نحاول أن نحد منه.. لكن يبقى كحلم المثالية وأخته المدينة الفاضلة.. مستحيل ويستهلك كل ما حوله دون أن ينتهي.
والأهم من تجييش الجهود للبحث عنه.. علينا أن نجد الحلول للمشاكل العالقة والتي تزيد قوته وجبروته وانتشاره.. فإذا فقد الفساد مصدر قوته تهاوى من تلقاء نفسه ولن يبقى منه إلا المعدل الطبيعي والذي لا يشكل تهديداً مرعباً للأوطان وللإنسان بمعية المحاسبة.
البطالة والفقر وما يتبعهما.. ثنائي حيثما كان ترأس الفساد وساد.. واستحكم حتى يفقد الوطن قدرته على أن يكون وطناً.. لأن الفوضى لا تسمح له أن يرى مكان الخلل ويستبينه.. وكذلك فإن التبعات والمشاكل تكبر وتتسارع ويصبح هم الفرد أن يسد جوعه بأي ثمن.. وينتقم من المتسبب في شقائه.. فالجوع كافر لا دين له ولا ملة.. ولا يمكنك أن تنتظر من الفقير ثبات طويل على وعد النصر في الآخرة إن لم يكن في الدنيا.. لأن الضغط أعظم من أن يتحمله البشر.
لذا فإن الحلول ليست صعبة كما تبدو المشكلة.. إنما هي في غاية البساطة.. إذا جزأت كل واحدة على حدة.. وسألنا السؤال المنطقي الذي يأخذنا إلى الطريق الصحيح.. ما هو الحل أولاً؟ ومن ثم من المتسبب ليحاسب؟.
المحاسبة والمشكلة لازالت قائمة.. لا معنى لها غير زيادة الضغط.. فالجائع لا يرى في المحاكمات والبحث والتحري والمرافعات واللجان والدراسات والتشهير أي حل يسكت ألم الجوع.. لذا بعد أن نحل المشكلة يمكننا أن نبدأ رحلة البحث.. وإن كانت الإمكانيات تسمح.. يمكن عمل الاثنين معاً..
البطالة يقابلها تعليم لا يعرف عن متطلبات السوق أي شيء.. لذا من يلوم السوق عندما يبحث عن الأجنبي ولا يثق في السعودة ولا يطبقها.. وليعذرني إخوتي المقيمين فلست أبخسهم حقهم ومساهمتهم في وطننا.. لكن الأولوية لأبناء وبنات الوطن.. كما في وطنكم تماماً.
هذا التعليم القائم منذ زمن بعيد ماذا قدم والبطالة تزيد يوماً عن يوم؟ ولسان حاله يقول: وظفوا ولدي لأنه ولدي!
إنه لم يستوعب ثقافة العمل ليقدمها.. لم يقدم التخصصات التي يحتاجها الوطن في المرحلة الحالية.. وضيق خناق القبول في الجامعات بالمعدلات الخرافية.. رغم وجود عدد لا بأس به من علماء العالم الذين غيروا التاريخ وخدموا الإنسانية لم يعرفوا الجامعات.. وبعضهم لديه صعوبات في التعلم كتوماس أديسون، وبابلو بيكاسو، وليوناردو دافنشي، وألبرت أينشتاين وغيرهم!
مما يعني أن العباقرة ومن نعول عليهم من العلماء قد يكونون خارج أسوار الجامعات يبحثون عن أمر أبعد ما يكون عن العلم.. ثم حاولت الجامعات أن تحل المشكلة بفتح باب التعليم عن بعد بتخصصات بائسة يمكنها أن تكمل مشوار الخيبة لتعديل الوضع الوظيفي للموظفين.. والباحثين الحالمين عن وظيفة يشترط فيها شهادة جامعية!”بالمناسبة في أي شيء ستصرف المبالغ الطائلة التي تجمع كل فصل دراسي من طلاب وطالبات التعليم عن بعد في الجامعات الحكومية؟”
حل البطالة يبدأ من التعليم.. من أول مرحلة وليس التعليم العالي وحده.. إن لم يكن القائمون على التعليم استوعبوا ذلك وقدموا شيئاً ملموساً.. ليتركوا المكان لغيرهم ولا يبقى المسئول على نفس الكرسي سنين مديدة يقدم لنا ذات الثقافة والمخرجات المصابة بفصام تعليمي إن جاز التعبير.
الحديث طال بنا ولعلني أكمل الأسبوع القادم.
amal.f33@hotmail.com