(1)
يقول فولتير: “عندما يكون الحديث عن المال، فإن كل الناس على دينٍ واحد”.
وهناك مثل مصري يقول:
(اللي عنده قرش محيّرُه يجيب حمام ويطيّره!)
لا اعتراض لي على أن هناك من يملك الكثير من المال لا يدري أين يضعه ولا كيف ينفقه، في الوقت الذي يعاني فيه الكثيرون الفقر وضغط الحاجة في كثير من مناطق العالم، إما بسبب الكوارث الطبيعية، وإما بسبب الحروب المستمرة، إما بسبب الثورات التي توالى حدوثها في أكثر من دولة عربية، وإما لأسباب أخرى الأمر الذي يجعل الاقتصاديين والعالمين ببواطن الأمور في حالة من القلق على مستوى الاقتصاد العالمي. هذا المالك للمال الوفير المتباهي بثرائه قد ينفقه هنا وهناك للفخر والتشاوف، قد ينفقه على تكاليف زواجه بإحدى ملكات الجمال أو الفنانات، لكنني أتعجب لماذا الحرص على الإعلان وإشراك الآخرين في هذا السفه، وأيضاً أتعجب من انبهار الآخرين به وتناقل أخباره عبر وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي المختلفة.
*****
(2)
لا أحب الروايات التي تكتب بضمير الغائب، مثل هذه الروايات تصبح غائبة بطريقة ما عن إحساسك ووعيك، مهما بلغت أحداث الرواية صخباً وجمالاً لكن تبقى مملة تجدها بعيدة عن كاتبها وبعيدة عنك، لا تدري من هو كاتبها الحقيقي وليس الشكلي؟ ولمن؟ ومن هم قراؤها؟ وكأنما كتبها صاحبها بقفازين وكمامة!.. قرأت مثل هذه الرواية مؤخراً وأصبحت أتجرعها كالدواء حتى تركتها بدون إتمامها، ربما تكون مثل هذه الروايات مقبولة إلى حد ما قبل جيلين أو أكثر لكن ليس لجيلنا هذا.
*****
(3)
أحب قراءة السير الذاتية وأجد الكثير منها لافتاً وممتعاً، من أبرز كتب السيرة التي قرأتها (سبعون) لميخائيل نعيمة و(حياتي مع الجوع والحب والحرب) لعزيز ضياء.. رغم أني لست من مؤيدي كتابة القاص أو الروائي لسيرته الذاتية، فإذا كان قادراً على كتابة الروايات فالأفضل أن يكرس جهده ووقته لكتابة الروايات وليس سيرته الذاتية لكيلا يفقد القارئ متعة القراءة له، لكن ليس ذاك ما أهدف إليه هنا، في هذه العجالة أردت أن أطرح سؤالاً:
هل حدث أن قرأت سيرة ذاتية ثم شعرت بها مملّة بلا طعم ولا نكهة ولا رائحة؟! ولعلك أكملتها أو لم تفعل؟! ولعلك تعرف مصدر هذا الإحساس..
يأتي ذلك الإحساس غالباً حين لا تتضمن هذه السيرة اعترافاً بأخطاء صاحبها سواء كانت أخطاء صغيرة أو كبيرة، حين تكون سرداً لوجهة نظر ناقدة لكل ما حولها إلا لذاتها لتصبح مناقضة للواقع والأفضل لصاحبها أن يبقيها في أدراجه.