بعد صلاة الجمعة الماضية، خرج بين المصلين كهلٌ تطغى عليه ملامح الصحة والعافية، وأخذ يتحدث عن الجوع والتشرّد في بلاده التي أنهكها الحرب، وأهاب بالمصلين أن يتصدقوا عليه.
وعلى الرغم من أن المسألة واضحة، فالاستجداء باسم الشعب ومعاناة الشعب لا تحتاج لبرهان، إلا أن الكثيرين تصدّقوا، وبعضهم كان متأثراً.
نحن لا نملك مقاييس للحكم على ما نشاهده من مسرحيات التسوّل في مساجدنا، فمهما كانت قدرات الممثّلين ضعيفة، تجدنا ننجرف لتصديقها، مساوين في ذلك بين الممثّل الممتاز والممثّل المتواضع! والذنب في ذلك هو ذنب وزارة الشؤون الإسلامية، التي لم تضع حتى الآن نظاماً تمنع فيه التسوّل في المساجد، منعاً باتاً. ولم لا؟! فالمسجد هو دار للعبادة وليس للضمان الاجتماعي، الذي تحتضنه دور أخرى متخصصة.
إن من أهم ملامح حياة المساجد، أن لكل مسجد نظامه الخاص. فهذا المسجد يفتح مكبرات الصوت للأذان والإقامة ويغلقها بعدهما، وذاك المسجد يستمر في فتحها طوال الصلاة. هذا المسجد يمنع المتسوِّلين، وذاك يفتح صدره واسعاً لهم. هذا المسجد بالغ النظافة (وهذا نادر جداً)، وذاك المسجد في قمة الإهمال والاتساخ. هذا التباين سببه غياب الرقابة على المساجد من قِبل وزارة الشؤون الإسلامية، مما جعل حالة بعض المساجد تصل إلى حالة من التردي، إلى درجة يطلع فيها مثل هذا الكهل وغيره ليستخفَّ بنا!!