من المواقف المحرجة التي تعرّضتُ لها وتعرّض لها الكثير من الناس هو عندما ألتقي بشخص لا أتكلم لغته ولا يتكلم لغتي ولا لغة وسيطة يتقنها أي منا، فأسأله أو يسألني ثم لما نكتشف أننا لا نحكي لسان بعضنا نقف حائرين لا ندري ما نفعل! وهذه على الأقل أهون إذا كان الكلام عادياً فيُمكن لشخص آخر أن يترجمه، لكن ماذا يفعل من يريد ترجمة الأمثال الشعبية - وهي مشكلة تواجه المترجمين دائماً-؟ هذه هي المشكلة فعلاً!
هذه شائعة في كل اللغات خاصة عند الترجمة الحرفية التي تركز على ترجمة الكلمة نصاً وليس معنى، فلو قلت لك الآن «الكرة في ملعبك» لفهمتَ أن معناها أن الدور عليك الآن لتفعل شيئاً ما، ونفس العبارة معروفة في عدة لغات، لكن ماذا لو كلمتك عن رجل أصابته مصائب وقلت لك «إنه على الحبال الآن»؟ لن تفهم! والسبب أن هذه عبارة أمريكية أتت من رياضة الملاكمة، وتعني أن الشخص في وضع صعب، مثل الملاكم الذي تلقى عدة ضربات حتى اضطره خصمه أن يتراجع ويجعل ظهره للحبال ويتلقى المزيد من الضربات، ومن طرائف العبارات الانغليزية التي لا معنى لها إذا تُرجِمَت حرفياً:
- أَذهبُ لأؤدي مهمة ظاهرها الصعوبة، حتى اذا انتهيت وسُئلْت عنها قلت «كانت قطعة من الكعك!»، وهذه ستثير الشهية ولكن تحيِّر العقل، إلا إذا عرفنا أن معناها السهولة، وأتت من تقليد في أمريكا سابقاً أيام العبودية، فكانوا يصنعون منافسات للعبيد منها شيء سهل وهو أن توضع منضدة عليها كعكة ويدور حولها العبد ومن لديه أحسن مشية وأكثرها «رشاقة» يفوز بالكعكة.
- يقرأ أحدهم كلاماً ثم يقطب جبينه ويقول «هذا يوناني!»، حتى لو كان الكلام انغليزياً، وهذا يعني صعوبة وتعقيد الكلام، مثل كلام تَكثر فيه المصطلحات الاختصاصية كالكلمات القانونية، أتى هذا المعنى من صعوبة اللغة اليونانية على الأمريكان خاصة وأن اليونانية ليست من اللغات الشائعة بين الأمريكان من ذوي الأصول الأوروبية مثل انتشار الإيطالية مثلاً.
- أثناء مناظرة يطرح أحد الطرفين موضوعاً ويطلب من خصمه الرد عليه، فيتأفف الخصم ويهتف «لماذا تريدنا أن نضرب حصاناً ميتاً؟»، وهذه تعني أن الموضوع قد أُشبِع نقاشاً وردّاً.
- عبارة «إلفس ترك البناية» جديدة جداً مقارنة بالأخريات وتقصد إلفس بريسلي المغني الأمريكي الشهير الذي توفي عام 1977م، وتعني أن شيئاً أوحدثاً ما قد انتهى، وظهرت هذه العبارة الطريفة في حياة إلفس لما كانت حفلاته الغنائية تجذب أعداداً غفيرة من الناس، ومن شدة تعلقهم به كانوا يظلون في المكان حتى بعد انتهاء الحفل، فكان منظمو الحفلات يضطرون لتكرار العبارة بالميكروفون فيقولون «إلفس ترك البناية! انفضوا واذهبوا لبيوتكم!»
الدور علينا العرب الآن، من يترجم لي للانغليزية عبارة «فلان يمشي على زنده التيس»؟ كان الله في عونكم!