جدير بنا الإشادة بالرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فرع هيئة الخفجي بالمنطقة الشرقية على قرارها الذي عممته لكافة المكتبات في المحافظة، وفيه منعت منعا باتا تصغير وضغط بعض المقررات الدراسية وتحويلها إلى (براشيم) ليسهل استخدامها وتداولها بين طلاب المدارس. وشددت الهيئة في تعميمها على المخالفين (المكتبات والطلاب) بأنهم سيتحملون المسؤولية!
والحق أن ذلك يعد لب النهي عن المنكر بحكم أن الغش في الامتحانات غير جائز شرعا وقانونا. يأتي هذا الإجراء من لدن الهيئة في ظل صمت وتخاذل وزارة التربية والتعليم عن دورها التربوي والرقابي على سير الامتحانات، وتخلِّي الأسرة عن رعايتها لأبنائها وتوجيههم نحو السلوك القويم الذي لا يتناسب مع السماح بالغش وحمل وإخفاء (البراشيم) المضغوطة التي يستخدمها أغلب الطلبة والطالبات ليواروا فيها سوءة تحصيلهم الدراسي، وإهمالهم واتكاليتهم المفرطة ولا مبالاتهم طيلة العام الدراسي.
من يرى ويسمع عن طلبة المدارس وأساليبهم الذكية في محاولة الغش؛ يأسى على جيل قادم وهو يجرجر أذيال الخيبة! فلا يكاد معظمهم يقرأ العبارات بطريقة صحيحة، ولا يجيدون الكتابة السليمة دون أخطاء إملائية أو نحوية، ناهيك عن رداءة الأسلوب في الحديث، وسوء المناقشة في الحوار.
إن التعليم الموجه لأبنائنا بكافة مستوياته سواء العام أو التقني أو الصحي وحتى الجامعي ليس بخير إطلاقا، إلا ما رحم ربي وبجهود ذاتية من الطالب نفسه وباهتمام أسرته ورعايتها؛ بما يشير إلى عدم جاهزيتهم لسوق العمل، حيث يقدم التعليم للطلبة مسلوقا وخديجا بالتلخيصات والحذف من المنهج بهدف التسهيل عليهم ونجاحهم تلقائيا دون المرور على صراط التعليم ومرارته!
وغير بعيد عنا ما عاناه خريجو المعاهد الصحية الأهلية الذين دفعوا مبالغ طائلة لنيل الشهادات وليس للتعليم واكتساب مهارة! وبعد التخرج الوهمي واجهوا تهمة عدم التأهيل للعمل في المستشفيات الحكومية والأهلية بعد مرورهم على نقاط التفتيش التي تقيس مدى قدراتهم، حيث تم اكتشاف المؤامرة التي حيكت ضد طلبة تهافتوا على معاهد مصرح لها رسميا، ولكنها بالواقع تبيع شهادات وهمية. وسقط أبناء الوطن في فخ الخديعة وتأبطوا شهادات مضروبة، وطارت إدارات تلك المعاهد بنقودهم وتبددت أحلامهم على صخرة واقع يتطلب المهارة والكفاءة بالمهنة وليست الشهادة فحسب!
وحتى لا تستمر المؤامرة؛ لابد أن يستيقظ أبناؤنا ويعيدوا ترتيب حياتهم وليدركوا أن التعليم الحقيقي لا يُستوفَى إلا حين يمزج بالتعب والجهد والنصب والدأب، والجد والمثابرة والمواظبة والتحصيل الحقيقي والفهم، والمذاكرة والمراجعة. أما (البراشيم والبراطيل) وما شابهها فهي سراب ووهم لا يودي إلا إلى إحباط وخيبة.
فشكرا لهيئة الأمر بالمعروف على دورها التربوي الوقائي، ونأمل أن يمتد لمتابعة الأسواق ومنع الغش فيها والتدليس وأكل أموال الناس بالباطل.
rogaia143@hotmail.comTwitter @rogaia_hwoiriny