كشفت الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد (نزاهة) تجاوزات مالية وإدارية في الإدارة العامة للخدمات الطبية ومستشفى القوات المسلحة بالرياض وأحالت الملف إلى هيئة الرقابة والتحقيق، ونشرت التجاوزات جريدة الجزيرة يوم السبت الماضي. وبلا شك أنها صدمة لنا, صدمة لأن هذه المنشأة تتمثل في: الإنسانية والأمانة, والانضباط, والمهنية.
فهي الأقرب بين قطاعات الدولة للإنسانية بصفتها الطبية علاج وإنقاذ الأرواح وميلاد أطفال بإذن الله ليروا النور في هذه الدنيا.
والأمانة لأنهم أطباء وإداريون مؤتمنون على صحتنا وأرواحنا - كون بعض الإداريين من الأطباء- مما تفرض عليهم المسؤولية العسكرية لحمايتنا.
والانضباط يفرضه الواجب العسكري بالتحلي بالانضباط والحرص على تطبيق النظام والتقيد باللوائح والأنظمة وعدم التجاوز والحفاظ على الأموال والأرواح.
المهنية هي مزيج بين الطابع الإنساني لمستشفى القوات المسلحة، بصفته الأمنية، وهيئته الانضباطية التي تجعل العاملين والقياديين فيه في أعلى مستوى من المهنية الإدارية والمسؤولية الأخلاقية في الأداء والتقيد بالبيروقراطية الملزمة في تأدية المهام.
التجاوزات المالية والإدارية التي توصلت إليها هيئة الفساد وإحالتها لهيئة الرقابة والتحقيق تجاوزات نوعية مثل: منح رواتب استثنائية خارج سلم الرواتب، واعتماد ترقيات استثنائية بشكل غير نظامي، استئجار فلل لأطباء ولضباط إداريين من غير الأطباء بشكل غير نظامي وأيضا استئجار لموظفين تظهر ملكيتها بأسماء زوجاتهم، وصرف بدلات غير مستحقة لضباط لا يحملون مؤهلاً صحياً, والتوسع في التوظيف دون الالتزام بالنواحي المالية, وكذلك إحداث وظائف عدد 564 وظيفة دون وجود اعتمادات مالية، وعدم الإعلان عن الوظائف وترك مساحة للتلاعب وتدخل الواسطة والمحسوبية، ووجود شبهة في تزوير شهادة التصنيف المهني، وابتعاث الموظفين دون مراعاة ضوابط الابتعاث, وشبهة فساد في ازدواجية الصرف بين المستشفى العسكري ووزارة التعليم العالي...
هيئة الفساد تفتح قلاع كانت محصنة لأنها تحت غطاء الإنسانية والأمنية وتكتشف تجاوزات يجري التحقيق فيها الآن... فرغم التفهم للظروف الوظيفية وأيضاً للمستوى المعيشي للأطباء يتناسب وعملهم الطبي ويتساوى أيضاً بزملائهم في القطاعات الأخرى لكن هذا لا يبرر التجاوزات غير النظامية، كذلك الحال بالنسبة للضباط من غير الأطباء الذين يتمتعون بميزات الأطباء في السكن والبدلات والتوظيف والوظائف وهذا تجاوز.
بلا شك أن هيئة الفساد أعطت إشارة إلى جميع المستشفيات في المملكة أن لا حصانة للأطباء وإدارات المستشفيات وأن هيئة الفساد ستوسع أفقها للوصول إلى قطاعات كانت تعتقد أنها حصينة ومنعية وبعيدة عن متناول مراقبي هيئة الفساد.