صدرت الميزانية السنوية وجاء ضمن بنودها ميزانية الخطوط السعودية بمبلغ 24 مليار تقريباً، وحظيت السعودية بالإستثناء من نظام الهيئات في بعض بنوده. كما أنه صدر في مجال الطيران إقرار استراتيجية هيئة الطيران من قبل مجلس الوزراء الموقر. وفي نفس السياق أقرت رخصة الخطوط القطرية والخطوط الخليجية وشركائها كناقلين جويين جديدين بالمملكة. جميع تلك الأمور لها علاقة بوضع الخطوط السعودية لكن لا أحد يوضح لنا مستقبلها الذي يبدو وكأنه لغز محير للمتابع. هل ستخصص الخطوط السعودية أم ستبقى حكومية تتمتع بحماية خاصة؟
علاقة الخطوط بالدولة شائكة. هناك من يقول بأن لها ديونا كبرى على الحكومة لذلك يصعب خصخصتها في الوقت الراهن لأنه يصعب تسديد ديونها من قبل الدولة. فهل هذا صحيح؟ ولم لا يفصح عن تلك الديون ويتم التخلص منها أو جدولتها لكي لا تبقى حجة لتدليل الخطوط السعودية؟ أو لم لا تباع حصة الحكومة للقطاع الخاص ويتم تخصيص الخطوط السعودية بالكامل كما حدث في قطاع الإتصالات أو جزئياً كما هو حاصل في سابك؟ نحن نسمع عن فكرة تخصيص السعودية منذ أكثر من عقد من الزمان دون أن نلمس ذلك على أرض الواقع.
لقد تسبب تدليل الخطوط السعودية وتفضيلها في تخفيضات الوقود واستحواذها على تسيير رحلاتها عبر النقاط الأكثر ربحية (بين المدن الكبرى) في فشل وهروب شركات طيران سابقة. فهل سيتكرر نفس الأمر مع الشركات الناقلة الجديدة؟ هل ستنافس السعودية كمؤسسة حكومية، أم سيتم تخصيصها كلياً أو جزئياً خلال فترة محددة ومجدولة، وبالتالي ستصبح على قدم المساواة مع الشركات الأخرى؟
سبق أن طالبت بالبدء بالخطوة التنظيمية الرئيسة المتمثلة في فصل مجلس إدارة الخطوط السعودية عن هيئة الطيران المدني، لأنه دون ذلك الفصل ستبقى المصالح المشتركة متداخلة وسيتأخر تخصيص الخطوط السعودية وستظل تحظى بالامتيازات الخاصة. فلم التردد في هذا الأمر؟ كيف ستقوم هيئة الطيران المدني بدور المشرع والمراقب العادل وهي في نفس الوقت ترأس مجلس إدارة إحدى الشركات العاملة في الطيران؟
نحن نسأل لماذا يكون للخطوط السعودية ميزانية حكومية؟ هل هي شركة خاسرة ولا تحقق أرباح دون دعم الدولة؟ أم أن تلك الميزانية تأتي مقابل خدمات تقدمها الخطوط السعودية للدولة؟ هل يشكل ذلك ميزة للحكومة أن تظل تتعامل مع شركة واحدة في ظل توفر شركات منافسة وإحتمالية حصول الدولة الحصول على خدمات أفضل من شركات أخرى؟
وفي مجال النقل الجوي ومنح الامتياز لشركات أخرى، تأتي أسئلة أخرى: هل الشركات الفائزة تشكل فروعاً لشركات قائمة تابعة لحكومات أخرى أم أنها شركات مستقلة ؟ بمعنى أخر هل سنجد الحكومة القطرية تدعم الخطوط القطرية وبالتالي ستكون المنافسة بين شركات سعودية وقطرية وخليجية جميعها مدعومة من دولها؟ أذكر أن الجهات الكندية المعنية بالطيران رفضت زيادة رحلات الخطوط الإمارتية إلى بعض مدنها بحجة أنها خطوط مدعومة من قبل دولة الإمارات وبالتالي فالمنافسة التي ستحدثها مع الخطوط الكندية ستكون غير عادلة، فكيف سيكون وضع الخطوط السعودية والخطوط القطرية والخليجية التنافسي في المملكة؟ هل ستكون منافسة تجارية إقتصادية بحتة؟ أم سنرضى أن تنافس خطوطنا السعودية شركات مدعومة من دول أخرى؟ أليس الأولى تخصيص الخطوط السعودية وبالتالي تنظيم سوق النقل الجوي على المدى المستقبلي كقطاع تجاري مستقل عن دعم وتدخل حكومات أخرى؟
malkhazim@hotmail.comلمتابعة الكاتب على تويتر @alkhazimm