|
يبدو لي أن الدولة العراقية هي الوجهة التالية لمحطة الربيع العربي وذلك نظرا لتسارع وتيرة الأحداث التي أخذت تتصاعد بشكل سريع نظراً للسياسة التي ينتهجها رئيس الوزراء نوري المالكي التي زادت من رصيد الأعداء لديه.
السياسة العدوانية التي انتهجها نوري المالكي التي تتبلور حول تصفية الحسابات مع عدد من الشخصيات التي كانت مقربة له هي من ستعمل على استعجال سقوطه فتشكيل جبهة باسم طارق الهاشمي المحكوم عليه بالإعدام وأحد الذين تم استخدام تصفية الحسابات معه دليل مؤكد على ذلك، إضافة إلى أن هذه النقطة بحد ذاتها تعد أيضا مصدر سقوط النظام العراقي الحالي بأكمله وسيكون على النظام الحالي أن يعمل على الدفع بالمالكي نحو هاوية السقوط وتقديمه كبش فداء يعمل على إنقاذ وحماية النظام بأكمله من الانهيار، لكن يبقى معرفة السيناريوهات المتوقعة لو أبدى النظام العراقي الحالي تمسكه بالمالكي كما حصل إبان سحب الثقة من المالكي فيما قبل، فعندها ستتحول هذا المظاهرات المنددة بسقوط رئيس الوزراء نوري المالكي إلى مظاهرات شاملة تندد بسقوط الحكم الطائفي في العراق.
هذه المظاهرات التي شملت عدة مناطق عراقية لا ينظر لها من منظور واحد فقط وهي اللحاق بركاب الربيع العربي فقط بل ينظر إليها إلى أنها تشكل تهديد للدولة الإيرانية التي تراقب الآن سقوط النظام السوري بحذر شديد فيما تبحث من جانب آخر عن بديل له في المنطقة، ولم تضع في الحسبان البحث عن بديل للعراق ولم تضع أيضا ماذا سيحدث لها لو أن هذه المظاهرات وصلت إلى ما وصلت لها سوريا اليوم.
أما في حال أن دائرة هذه المظاهرات اتسعت وشملت المطالبة بسقوط النظام العراقي فإن الأزمة في العراق ستفوق الأزمة السورية بكثير وذلك لأن سوريا تعتبر حليفة للدولة الإيرانية قد يسهل عليها أن تدفع بها إلى الهاوية وتعمد إلى البحث عن بديل آخر لكن الدولة العراقية ما بعد الانسحاب الأمريكي تعتبر بمثابة دولة إيرانية جديدة التي سيكون من الصعب أن تعمل على الإفراط بها، ولن تكون المساعي السياسية أو الدبلوماسية هي حل الأزمة إذا تشكلت فيما بعد بل سيكون التدخل العسكري هو الفيصل الذي قد يعمل على إخراج الأطراف السياسية في العراق من الأزمة والإعلان عن دخول المنطقة في حرب بين أطراف دولية تكون الدولة الإيرانية واحدة منها.
ختاما: ينظر البعض إلى أن الأوضاع الأمنية والسياسية في العراق لم ترق إلى مستوى الولوج في مركب الربيع العربي وقد يعتبر البعض الآخر أن هذا الحراك لن يخرج من الإطار الشخصي بين المالكي وخصومه لكن ساعة الصفر بدأت تدق أجراسها نظرا للاختلاف الكلي الذي يفرق دولة العراق عن بقية الدول الأخرى التي لا تزال أرضاً خصبة سرعان ما تتأثر بأي اضطرابات سياسية أكانت أم أمنية إضافة إلى أن الأمن في دولة العراق لا يزال في أضعف أحواله، يبقى السؤال هنا هل سيكون النجاح حليف الإدارة الأمريكية في أن تعمل على إصلاح خطأ قد ارتكبته فيما قبل؟ لكن ليس عن طريق القوة العسكرية كما هو المعتاد بل عن طريق سلاحها الجديد المنوط بالربيع العربي.