يبدو أن إيران مصممة على الذهاب إلى النهاية في الأزمة السورية، بدليل مواصلتها لعب دور كبير في تلك القضية ؛ لأنها ترى في سوريا تشكيلا لجغرافية المقاومة، وعمودا فقريا مهما في مشروع الدولة الصفوية ؛ ولأن إيران لا تريد أن تتخلى عن طموحاتها الإقليمية، فهي - إذن - لا تريد لسوريا أن تسقط ؛ حتى تكسب تمددها في الإقليم بغطاء عربي ؛ ولتبقى على قناة تواصل مع « حزب الله « في لبنان ؛ لدعم طموحاتها. فسوريا بالنسبة لإيران، تشكل إحدى أهم دعائم التحالف الإستراتيجي الثلاثي في المنطقة.
هناك قناعة في طهران، بأن النظام السوري قد انتهى، وأنه لا يمكنه البقاء على قيد الحياة على المدى الطويل، - وبالتالي - فإن رهانها على نظام منبوذ من قبل شعبه فشل، بعد ما بدأ مؤشر سقوط النظام يميل إلى نهايته المحتومة. وقد تمتد هذه الآثار السلبية إلى الجبهة الداخلية الإيرانية غير المستقرة ؛ لأسباب سياسية، واقتصادية عديدة، الأمر الذي سيربك أوراق، وحسابات إيران من جديد. على أي حال، فإن الانتفاضة السورية تدخل هذه الأيام منعطفات حسم إستراتيجية، جعلت رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية - اللواء - حسن فيروز آبادي، يخلط بين الأوراق حين أكد - قبل أيام -، بأن تصعيد الوضع في سوريا، - لاسيما - في ظل سيطرة الشعب، والجيش السوري علي معظم المناطق في هذا البلد، « إنما يمنح الكيان الإسرائيلي الفرصة ؛ ليستعيد قواه، وعملوا على استقدام المسلحين من كل مكان، ممن كانوا يعملون تحت مظلة أسامة بن لادن،الزعيم السابق لتنظيم القاعدة « ؛ لتصب كلماته في دائرة استخدام سوريا مسرحا ؛ لصراع إستراتيجي بين النظام الإيراني، وتنظيم القاعدة، وهو ما أخشاه، حين يتحول المسرح السوري - في المرحلة القادمة - إلى عمليات انتقامية من كلا الطرفين، على غرار ما حدث، ويحدث في العراق.مع أنه ليس من حق إيران، التدخل في الشأن السوري، وتدمير مكوناته بأي ذريعة كانت، وخلاف ذلك هو انتهاك للقانون الدولي، والأعراف الإنسانية، والأخلاقية.
بمعايير السياسة، فإن الحرب لا تتراجع، وانهيار النظام الدولي في المنطقة، ينطوي على مخاطر كارثية، الأمر الذي سيحدث واقعا جديدا له آثار معقدة على الصعيدين - الإقليمي والدولي - ؛ ولأن خارطة جديدة للمنطقة - كلها - ستتشكل، فلن يكون باستطاعة إيران المساهمة في إعادة رسم الخارطة، أو أن تكون جزءا من حل أزمات المنطقة ؛ كونها قامت على إثارة الغرائز المذهبية ؛ مما دفع الكثير من أتباع مذهبها إلى الانخراط في مشروعها الثوري، ثم إن سياساتها الإقليمية غير المتعاونة، لا تزال قائمة. فمثلها كمثل من اخترق الحاضر ؛ ليترك آثارا مدمرة في المستقبل - مع الأسف -. وهو ما يجعلني، أؤكد على أن ثمة تغييرا جذريا سيطول سياسة إيران الإقليمية، وأدواتها.
drsasq@gmail.com