الخطأ الذي وقعت فيه وزارة العمل ليس في قراراتها, فكل قراراتها لها وجهة نظر وطنية وجيهة, ولكن المشكلة أنها أهملت (أصحاب المصلحة) وهم الذين يتأثرون ويؤثّرون في القرار, فكل قرار لديه أناس (يمسهم) بشكل أو بآخر، وطالما أنهم كذلك فالأولى مراعاتهم وتقييم أثرهم الإيجابي والسلبي والجلوس مع أصحاب المصلحة (stakeholders) على طاولة واحدة.

وجهة نظر المقاولين سليمة, فليس من المنطق أن تطبّق قراراً يضر بهم بشكل مباشر, مهما كانت المبررات, فهم أكثر أناس لديهم (عمالة) وافدة, فالمهن التي يمارسونها كالسباكة والكهرباء وحمل البلك واللياسة... إلخ, لا تجد سعودياً يمتهنها الأمر الذي يجعلهم يدفعون 2400 ريال عن كل عامل سنوياً مع وجود مسافة كبيرة بينهم وبين النطاق الأخضر.

قرار وزارة العمل في هذا الشأن صحيح وسليم ووطني, ولكن آلية التنفيذ خاطئة وعنيفة وغير حكيمة بدليل ردود الفعل السلبية التي ما زالت محل جدل صاخب حتى هذه اللحظة, وهي ردود أفعال (مهنية) جديرة بالمناقشة والبحث وإعادة النظر, بغض النظر عن مصدر هذا القرار.

فمعالي وزير العمل الأستاذ عادل فقيه عليه أن يتحمَّل قراره, وإحالته لمجلس الوزراء ليس صحيحاً، حيث يمكنه كتابة تقارير علمية تبيِّن ملابسات القرار, والمستشارون في مجلس الوزراء سيأخذون بالنتيجة التي توصلهم للهدف المنشود الذي يخدم الوطن.

الجميع ينتظر أن كل قرار يخدم مهنتهم, وأن كل قرار يصلح الأخطاء المتراكمة، وأن كل قرار يسهّل مسيرة (العمل والعمال)، وأن كل قرار يرسم مستقبلاً مشرقاً، وأن كل قرار يؤسس لبرنامج قانوني يخدم الجميع, أما إذا كان كل قرار يثير عاصفة من الاعتراضات، فبالتأكيد أن تلك القرارات نظرتها ضيقة أو أن الذين اتخذوها بعيدون عن الميدان, أو أنهم لا يملكون رؤية شاملة تحيط بأبعاد المشكلة، أو أنهم ليسوا مؤهلين لمثل هذه القرارات، ولا نتوقّع أن نسرد ضمن هذه الاحتمالات النوايا غير الحسنة، فالدخول في النوايا أمر مكروه.

أما الذين يعترضون لأهداف أخرى فيحق لوزير العمل أن يتجاهلهم, لأننا أمام وطن علينا أن نسعى لمصلحته وليس المذهب أو الحزب أو الجماعة, الوطن أكبر من (نزايد) عليه, وبنات الوطن من حقهن علينا وعلى وزارة العمل أن نوجد لهن وظائف كريمة تكفيهن عن عنت السؤال وحياة البطالة.