الحقيقة أننا أمام أرقام مهمّة في الميزانية العامة للدولة للعام 2013، أرقام ومؤشرات وتقديرات مريحة للغاية.
لكن ماذا تعني هذه الأصفار الكثيرة في أرقام الميزانية، والتي أعلنها مجلس الوزراء في جلسته الاستثنائية السبت..؟
ماذا تعني هذه الأرقام للمواطن العادي، والذي قد يجد صعوبة في تفكيك الأرقام وفهمها؟، ورغم إحساسه بأهميتها واستثنائيتها..؟
لا خلاف إن الميزانية المعلنة بتوقّعاتها +تعطي تطميناً كبيراً للوضع الاقتصادي الجيد جداً للبلاد، في وقت تواجه فيه دول العالم أزمات مالية مختلفة، لم تستطع حتى الساعة التخلُّص من آثارها. ومن المتوقع أن يصل الناتج المحلي الإجمالي في 2012، وفقاً لتقديرات الإحصاءات العامة 2.7 تريليون ريال، بزيادة نسبتها 8.6% عن العام المالي السابق 2011.
موازنة عام 2013، كشفت تسجيل فائض بنحو 386 مليار ريال ، حيث بلغ إجمالي الإيرادات 1239 مليار ريال، بنسبة زيادة عن المقدّر له مسبقاً بلغت 77%، فيما بلغ إجمالي المصروفات 853 مليار ريال.
أخبار الميزانية المفرحة تتطلّب تحقيقها لأهدافها التنموية ، بشكل يمس المواطن مباشرة، فهي على رغم حجمها لن تكون ذات معنى بالنسبة للمواطن والذي قد يجد صعوبة في إيجاد فرصة عمل مقبولة، أو مسكن لائق، أو خدمة طبية جيدة!
وحين يقول الملك للجهاز التنفيذي للدولة «خدمة المواطنين أمانة في عنقي.. وأقول للمسؤولين لا عذر لكم بعد اليوم»، هذا يوضح أنّ التقصير السابق لم يَعُد مقبولاً، مع توفر ميزانية بهذا الحجم والوفرة.
الميزانية ركّزت على زيادة النفقات التنموية، بحجم إنفاق متوقع بلغ 820 مليار ريال، إلاّ أنّ هذا الرقم الضخم يشوّهه تعليق سابق لنائب رئيس نزاهة حول وجود 4 آلاف مشروع متعثّر.
وفيما وجّه الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، الوزراء، بالعمل بجد وإخلاص، لتنفيذ بنود هذه الميزانية على الوجه الأكمل الذي يحقق راحة ورفاهية المواطنين في كل مجالات الحياة. فإنّ ذلك يعنى توفير فرص عمل جيدة، وفرص تعليم مستمرة، وخدمات صحية مجانية متوفرة ومتاحة بجودة عالية، تعنى كافة الخدمات والاحتياجات الأساسية، ودون تحقيق هذه التطلّعات ستصبح أرقام الميزانية الكبرى بالنسبة للمواطنين مجرّد أرقام في دفتر حسابات.
خصوصاً أنّ من بين أبرز ما حملته تخصيصها لقطاع التعليم 204 مليارات ريال ويمثل ما نسبته 25%، ولقطاعات الخدمات الصحية والتنمية الاجتماعية حوالي 100 مليار ريال بزيادة نسبتها 16% عما تم تخصيصه بميزانية 2012.
وهو ما يعنى استمرار مشروع تطوير التعليم الذي تبنّاه الملك عبد الله، لإصلاح المناهج لتكون قادرة على تأهيل شباب وشابات البلاد تأهيلاّ يمكنهم من المنافسة في سوق العمل، وفي الحياة بالمجمل. فالتعليم ثم التعليم هو الاستثمار الحقيقي، ولابد من أخذ ذلك بجدية ومباشرة فورية في تفكيك هيكلته القديمة، لتحويل العملية التعليمية في كل مكوّناتها لتكون عصرية وحديثة.
خصوصاً أنّ تدفُّقات البترول وما تحققه من عوائد هي الأولى بالاستثمار في شباب البلاد، وأفضل استثمار هو تطوير التعليم وتقديم الخدمات الصيحة المستمرة وترقية متواصلة للخدمات العامة.. وتلبية الاحتياجات الضرورية كحق مكتسب.