|
مدريد - (د ب أ):
ما الذي يجب فعله عندما تستغرق مباراة نهائية دقيقتين فقط مع تبقي 88 دقيقة؟ لم يكن أمام أتلتيك بيلباو سوى أن يقف عاجزاً أو مشاهداً عن قرب لحفل «وداع جوارديولا»، أو العرض الكروي المميز من جانب فريق برشلونة، لتقديم التحية الأخيرة وتلقي اللقب الأخير، من مدرب حلق بالفريق في سماء الإنجازات على نحو غير مسبوق. فالواقع يقول إن نهائي كأس ملك إسبانيا الذي أقيم أمس الأول الجمعة على استاد فيسنتي كالديرون لم يكن نهائيا. فلو كان النشيد الوطني الإسباني، قد لاقى استهجاناً وصفيراً غير مسبوقين من جانب آلاف المشجعين الباسكيين والكتالونيين لمدة 27 ثانية فقط، فإن الأمل في تحقيق أول لقب لأتلتيك خلال 28 عاما، قد تبدد في غضون 120 ثانية. كانت تلك المدة البسيطة هي التي احتاجها برشلونة لإحراز هدفه الأول عبر المتألق بيدرو. قبله كان ليونيل ميسي قد نوه في أولى لعبات المباراة إلى أن ذهنه حاضر تماما، ومستعد بنسبة مائة بالمائة. ومن المعروف جيدا ما يحدث عندما تجد فرقة برشلونة السيمفونية أمهر عازفيها في أفضل مستوياته. وبجوار الخط الجانبي للملعب، كان جوسيب جوارديولا يراقب بسعادة نتيجة عمله. أما فرانسيسك فيلانوفا أو «تيتو»، الذي كان يوم أمس الأول الأخير له كرجل ثان في الجهاز الفني ليتحول من اليوم إلى الرجل الأول، كان يبتسم. وفي المدرجات، واعتبارا من بداية الشوط الثاني في وقت تراجعت فيه معنويات الجماهير الباسكية، كان نظراؤهم الكتالونيون يهتفون «جوارديولا، جوارديولا»، في بادرة عرفان وتكريم.
وإذا كان الفنزويلي فيرناندو أموريبييتا قد أصابه الجنون قبل 16 يوما، في نهائي دوري أوروبا بالعاصمة الرومانية بوخارست الذي أقيم في التاسع من مايو الجاري، إزاء التألق الكاسح للكولومبي راداميل فالكاو، فإنه عاد هذه المرة للمعاناة في صراع غير متكافئ أمام ميسي نجم اللقاء الأول، وفي نهاية المباراتين شاهد فريقه يخسر صفر 3/0. وعن مباراة كانت بعد في مستهلها، كان يتبقى لجماهير برشلونة الاستمتاع واجترار الذكريات الجميلة. تقييم أربعة مواسم غيرت حياتهم في عالم الكرة ، وأوجزت عملا رائعا شهد تحقيق 14 لقبا في 19 بطولة: ثلاثة في الدوري الإسباني واثنان في كأس الملك واثنان في دوري الأبطال وثلاثة في كأس السوبر الإسبانية واثنان في كأس السوبر الأوروبية واثنان في بطولة العالم للأندية. قاد جوارديولا برشلونة في 247 مباراة رسمية، فاز منها في 179 (72 بالمئة) وتعادل في 47 ( 19 بالمئة) وخسر 21 (تسعة بالمئة).
أرقام تجعله يرحل سعيدا، وكذلك لاعبي برشلونة الذين امتلأوا ثقة أمس الأول، لدرجة أن الأرجنتيني خافيير ماسكيرانو لم يكن بعيدا عن تسجيل هدف من منتصف الملعب. كل شيء كان ممكنا، كل شيء عاد للعمل بعد أسابيع صعبة تعثر فيها برشلونة في اللحظات الحاسمة من الدوري أمام ريال مدريد، وفي دوري الأبطال أمام تشيلسي الإنجليزي. أما التعثرات المتلاحقة، فكانت من نصيب الأرجنتيني مارسيلو بييلسا، المدرب الذي تمكن من إحداث ثورة في تاريخ أتلتيك عبر حبه للعمل، ولكرة القدم، ولتطوير أداء لاعبيه. ونال بييلسا ثاني خسارة له في إحدى مباريات النهائي، وخلق تساؤلا لدى جماهيره حول مدى صواب اللعب بجبهات مفتوحة بهذا القدر أمام برشلونة، فضلا عن تساؤل آخر عما إذا كان سيبقى في منصبه للموسم المقبل. تلك «الأمانة المطلقة» التي يؤمن بها بييلسا عن عقيدة ساعدته على التعادل 2/2 في نوفمبر تحت أمطار بيلباو، لكنها لم تفعل في ليلة مدريد الساخنة، التي أدار فيها برشلونة ماكينة كروية لتقديم أفضل وداع ممكن في المباراة الأخيرة. ولم يتبق لبييلسا ولاعبيه سوى القيام بدور ضيوف الشرف في حفل «وداع جوارديولا».