الرياض - الجزيرة
أكد فضيلة وكيل وزارة الشؤون الإسلامية والإرشاد لشؤون المساجد والدعوة والإرشاد الدكتور توفيق بن عبدالعزيز السديري عظم شأن الدعوة إلى الله، وإرشاد الناس وتبصيرهم في أمور دينهم ودنياهم، وأن الدعوة إلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أعظم أسباب الفلاح، وأن مما يدل على فضل الدعوة إلى الله - عز وجل - قول الله تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ}، وقوله - صلى الله عليه وسلم - لعلي - رضي الله عنه -: «فو الله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمـر النعم»، وقوله - عليه الصلاة والسلام -: «إن الله وملائكته وأهل السماوات والأرض حتى النملة في جحرها وحتى الحوت ليصلون على معلم الناس الخير».
جاء ذلك في المحاضرة التي ألقاها فضيلته بجامع الإمام تركي بن عبدالله في مدينة الرياض بعنوان (التوحيد منطلق الدعاة)، ضمن برنامج المحاضرات والندوات التي تُقام أسبوعياً في الجامع.
واستعرض فضيلة الدكتور السديري صفات الدعاة الله، وأنه ينبغي للداعية أن يتحلى بالصفات التي جاء بها الشرع، وهي: الإخلاص، والعلم، والصبر، وتزكية النفس بالعبادة الواجبة والنوافل وقوة الصلة بالله - عز وجل - وعفة اللسان، والحرص على سمت أهل العلم والبُعد عن الجدال والمراء. ومما ينبغي أن يتحلى به الداعية أيضاً حرصه على بيته وأهله ومن في محلته ومسجده، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ}، وأن الدعوة إلى الله - عز وجل - وإلى إخلاص العبادة هي طريق الأنبياء والرسل، وبيان أن التوحيد هو أول الأوليات، وأهم المهمات، فمن أجل ذلك أرسل الله - عز وجل - إلى أهل الأرض رسلاً، أرسلهم دعاة يدعون الناس إلى عبادة الله وحده، واتباع أمره والتحذير من عصيانه، مورداً فضيلته في هذا الشأن بعض قصص أنبياء الله ورسله مع أقوامهم، ودعوتهم إلى توحيد الله.
وأبان فضيلته أنه على مر التاريخ الإسلامي خرجت دعوات كثيرة، وإذا تأملنا بعين المنصف المدقق المدرك لمآلات الأمور نجد أن النجاح والتوفيق والبركة كانت حليف من جعل الدعوة إلى التوحيد أساساً ومنطلقاً، وكانت دعوة قائمة على علم، وليس مجرد حماس وعاطفة ورغبة في إصلاح مجردة، فبقي أثرها وعم نفعها، ومن نماذج ذلك آثار إمام أهل السنة الإمام أحمد، وشيخ الإسلام ابن تيمية، والإمام المجدد محمد بن عبدالوهاب - رحمهم الله -.
وشدد الدكتور السديري على أن الدعوة إلى التوحيد هي سبيل الرسل - عليهم السلام - ووظيفتهم، وهي وظيفة الدعاة من بعدهم من علماء الأمة ومن سلك سبيلهم، فالتوحيد هو الأساس الذي تبنى عليه سائر الأعمال؛ فلا يصح ولا يقبل عمل من الأعمال إلا بعد توحيد الله - عز وجل -، وما من رسول أرسل إلى قومه إلا دعاهم إلى توحيد الله، وإخلاص العبادة له وحده، فعقيدة التوحيد هي أصل الدين وجوهر الإيمان ورسالة النبوة، كما أن دعوة الداعية إلى الله إلى هذا الدين الصحيح تكون وفق كلياته الخمس، التي جاء الشرع الحنيف لحفظها، وهي: (حفظ الدين، وحفظ النفس، وحفظ العقل، وحفظ النسب، وحفظ المال) وكلها ضروري.
وخلص فضيلته إلى القول: إن التعرف على المنهج النبوي في الدعوة يمكن الدعاة من ترتيب أولويات دعوتهم من غير اعتساف لخطوات المنهج، أو قفز على المراحل، ومن هنا يتبين أن الدعوة إلى الله رسالة لا بد من إيصالها إلى الناس، ولما كانت هذه الرسالة ربانية فإن منهج تقديمها للناس رباني بالضرورة، ولمعرفة هذا المنهج لا بد من النظر في أسلوب الداعية الأول الذي نزلت عليه الرسالة فقد كانت سُنَّة الرسول صلى الله عليه وسلم هي التطبيق العلمي لهذا الدين، والمجتمع يريد من الداعية إلى الله أن يكون مراعياً لمقاصد الدعوة، فلا يكون بعزلة عن وقائع المجتمع وما تتطلبه ظروف الحياة.