قد يحدث تجاوزات أو أخطاء مالية من قبل إحدى الإدارات في أي من الأجهزة الحكومية أو الخاصة، وهنا لا يتردد المتضرر من المواطنين من رفع دعواه أمام الجهة المختصة سواء وزارة التجارة أو هيئة سوق المال أو ديوان المظالم، ولكن الطامة عندما يكون المتسبب في تك التجاوزات نفس الأجهزة التي يفترض أن تكون هي الحكم والملجأ الذي ينصف المواطن مما يتعرض له من أضرار مالية بسبب تلك التجاوزات.
ما دعاني إلى سرد هذه المقدمة، ما تعرض له عدد كبير من المواطنين من حملة أسهم (شركة المتكاملة للاتصالات ) من ظلم بسبب ايقاف التداول على سهم هذه الشركة منذ ما يزيد على الشهر من قبل هيئة سوق المال، ومن خلال هذه الزاوية، سأقوم بسرد جملة من التساؤلات والتي أرجو أن يتم التوصل من خلالها إلى المتجاوز من تلك الجهات، ومن ثم حفظ حقوق هؤلاء المساهمين، ومن تلك التساؤلات ما يلي:
ـ هل من حق هيئة سوق المال توقف التداول على السهم حفاظاً على حق المؤسسين فقط ضاربة بحقوق المساهمين (وهم الأغلبية) عرض الحائط.؟
ـ هل من حق هيئة سوق المال أن توقف التداول على السهم بسبب تحفظ المحاسب القانوني دون أن توضح حيثيات وتفاصيل ذلك التحفظ.؟ فهل يعقل أن تعلق هيئة سوق المال التداول على سهم الشركة دون إعطاء لأسباب ومبررات التعليق.؟ وهل يعقل أن تكون الهيئة على علم بذلك دون أن تصارح المساهمين بذلك.
ـ وإذا كان ليس للشركة رأس مال عامل قادر على الصمود للمدة النظامية وهي 12 شهرا بعد تاريخ نشر نشرة الإصدار مباشرة، وهيئة سوق المال تعلم ذلك تماماً، فكيف تجرأت الهيئة بعدم إيقاف الاكتتاب ابتداءً ولماذا لم تقم بتعليق التداول على السهم منذ البداية، حتى لا يتضرر المساهمون.
ـ نعم لماذا تأخرت هيئة سوق المال في تعليق تداول سهم الشركة على الرغم من وضوح كل تلك التجاوزات ، ولمصلحة من تم هذا التأخير؟
ـ وعندما قررت هيئة سوق المال وقف التداول على السهم حتى يسدد المؤسسون ما عليهم ، فهل يقتصر دور الهيئة على حماية المؤسسين على حساب المساهمين.؟
ـ كيف تسمح وزارة التجارة بالإعلان عن تأسيس الشركة رسمياً ، وكيف تسمح هيئة سوق المال بإدراج سهم الشركة في السوق طالما أن مؤسسي الشركة لم يدفعوا قيمة حصصهم التأسيسية نقداً والبالغة 650 مليون ريال، وهو ما يتنافى مع أنظمة ولوائح كل من وزارة التجارة وهيئة سوق المال!!!
ـ وكيف تسمح وزارة التجارة بالإعلان عن تأسيس الشركة دون التثبت من وجود شهادة الإيداع البنكي الموضحة بأن المؤسسين قد قاموا فعلاً بسداد حصص التأسيس نقداً ، وفقاً لما يقتضيه نظام الشركات!!!
ـ وكيف تقوم هيئة سوق المال بالموافقة على إدراج سهم الشركة في السوق دون التأكد من قيام المؤسسين بسداد كامل رأس المال نقداً ، ودون التأكد من حصول الشركة على الرخصة من هيئة الاتصالات.
ـ وكيف يسمح للمؤسسين في الشركة بسحب مبلغ 262 مليون ريال من أموال الشركة ، وهو ما يمثل اكتتاب المساهمين فيها بدون موافقة الجمعية العمومية للمساهمين، وهو ما يعني مخالفة صريحة لنظام الشركات.
ـ ثم أين كانت وزارة التجارة إزاء العديد من المخالفات التي ارتكبت داخل الشركة للعديد من مواد نظام الشركات ؟ وإذا كانت الوزارة هي آخر من يعلم بتلك التجاوزات ، فمن أبسط حقوق المواطنين المساهمين في تلك الشركة أن تفتح الوزارة ملفاً كاملاً للتحقيق في القضية حفاظاً على حقوقهم.
ـ لمصلحة من تقوم هيئة سوق المال الآن بتعليق التداول على السهم طالما أن الشركة لا تعاني من خسائر؟ فرأس المال موجود في شركة الاتصالات المتكاملة، ولكن في شكل ضمانات لم يتم تسييلها من قبل المؤسسين.
ـ إذا كانت كل من المؤسسة العامة للتقاعد والمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية يملكان ما نسبته 5% لكل منهما من أسهم الشركة ، فلماذا التزمت المؤسسات الصمت إزاء كل تلك التجاوزات ، ولماذا تخلت المؤسسات عن المطالبة بحقوق المشتركين فيهما.
ـ الغريب في الأمر ، أنه وعلى الرغم من مضي أكثر من شهر على تعليق التداول على سهم الشركة، إلا أن المواطنين المساهمين المغلوب على أمرهم لم يسمعوا أي تصريح أو بيان من الهيئة، أو من وزارة التجارة، أو من هيئة الاتصالات يطمئنهم بحفظ حقوقهم.
من خلال هذه الزاوية أرفع لمقام خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الرجاء بالتوجيه بتشكيل لجنة قانونية عليا تشترك فيها هيئة الخبراء وتقوم بالتحقيق في الموضوع في كافة جوانبه، بحيث توصي بإيقاع أشد العقوبات على جميع المتجاوزين، سواء كانوا أفراداً أو مؤسسات ، وأن توصي أيضا بما يحفظ حقوق المساهمين في مواجهة المؤسسين ، مع أهمية تعويضهم عن أي أضرار مالية لحقت بهم، فالجميع يدرك بأن الهيئة دائماً ما تفرض مخالفات مالية كبيرة على المتجاوز من المساهمين، ولذا من الإنصاف أن يتم إلزام الهيئة أو غيرها من الأجهزة المتجاوزة بدفع جميع التعويضات المالية المناسبة للمساهمين المتضررين.
ختاماً ، إن ما حدث لسهم شركة المتكاملة للاتصالات إنما يعد نقطة سوداء تسجل في تاريخ السوق المالي السعودي، وما لم يتم التوجيه بحلها وإنصاف جميع المساهمين المتضررين، فإنها سوف تهز ثقة المستثمرين السعوديين والأجانب في سوقنا المالي.
dralsaleh@yahoo.com