لا شك أن أي عمل يقوم به مركز الرياض الدولي للمؤتمرات والمعارض يُشكِّل رقماً جديداً ومكسباً لذلك العمل إن كان قديماً أو جديداً، وإقامة المركز لمعرض تشكيلي يُعد لفتة كريمة وموقفاً داعماً لهذا الفن وفنانيه، تلقيت دعوة كريمة للمشاركة من المشرف على المعرض ومن أحد المسئولين بالمركز، كما هي الدعوات التي وجهت لغيري من الفنانين، سبقها توقع أو كما علمت، وقد يكون علمي قاصراً، أو أنني لم أكن مستوعباً ما جاء في الدعوة، أن المعرض مفتوح للجميع للتشجيع، فأعادتني عبارة التشجيع إلى أزمنة غابرة، ما زلنا نحصد نتائجها ونكررها في كل معرض، مما أساء للساحة ولنوعية المعارض، فاعتذرت عن المشاركة مبرراً ذلك بأن فكرة التشجيع لا تتناسب مع مثل هذا الموقع، وإنني (ممن يحرص على تجاربه) ويختار مكان وزمن عرضها، ونوعية من يعرض معهم، (ليس تعالياً) بقدر ما هو البحث عن الأفضل لأسباب تخص كل فنان، وأعني بالحرص أن لا يعرض الفنان صاحب الخبرات الطويلة إلا ضمن فئة متميزة ومنتخبة، ترتقي بمشاركته معها ليشعر بمكانة ما قدمه من بين بقية الأعمال الأخرى، عكس ما سيكون عليه المعرض من وضع في حال اختلاط الحابل بالنابل، ووجود مستويات متردية تسيء للمعرض وتفقده الزوار، كما يُرى في كثير من المعارض التشكيلية الجماعية، الرسمية منها والخاصة من جمع للغثّ قبل السمين.
كنت حريصاً ومتفائلاً أن يظهر هذا المعرض بما تملكه إدارة المركز من خبرات عالمية بمستوى (آرت دبي تنظيماً) خصوصاً أنها الخطوة الأولى للمركز التي يبنى عليها إقناع الجمهور المتخصص للإقبال على الدورات القادمة، إذا وضعنا قضية الاستثمار التي يقوم عليها المركز كهدف أساس، وأن مثل هذا التوجه من المركز يُعد تحركاً جدياً في قضية تسويق اللوحة أو المنحوتة السعودية بمشاركة صالات عرض محلية وعربية كما هو المعمول به في معرض الكتاب بتوزيع المساحات وتأجيرها على تلك الصالات، مع منح الفنانين الرواد مساحة خاصة مقابل بعض النسبة من المبيعات وتوجيه الدعوة لأكبر عدد من المقتنين محلياً وخليجياً وعالمياً. وبما أن التجربة قد تمت بهذا التواضع ولم يكن بها جديد أو مختلف عن أي معرض سابق يُقام في أصغر صالة للفنون وبتجهيزات لا تقل عن ما تم إعداده في مركز المعارض، فإننا ما زلنا نأمل في الدورة القادمة إن كان المركز بالفعل حريصاً على الارتقاء بإشراك الفن التشكيلي في الاقتصاد والتسويق أن يُراجع ما تم قبله من تجارب ولنا في مزاد كريستيز ومزاد سوذبي وكلاهما في لندن ولهما نشاط في الخليج حققوا فيه الكثير من المكاسب منها على سبيل المثال ما حققته مبيعاتهم لفنانين سعوديين ولمقتنيات الدكتور الفارسي بحصد أعلى قيمة في المبيعات بلغت ملايين من الدولارات.
هل غابت هذه التجارب عن المسئولين بمركز المعارض؟.. وهل استشاروا أصحاب الخبرات والمعرفة بإقامة المعارض وبعالم تسويق اللوحات هنا أو من القريبين في الإمارات العربية المتحدة المتخصصة في هذه الجوانب؟.. وإن كان ذلك.. فقد فات عليهم أن بالمملكة الكثير من المقتنين يرغبون بالشراء وببيع ما لديهم من فائض، أو رغبة في التجديد.
لقد توقعنا من المعنيين بالفكرة وفي هذا الصرح التجاري التسويقي الكبير والأكثر شهرة أن يتحقق للفن التشكيلي ما يساوي الجانبين (شهرة المكان.. وقيمة هذا الإبداع) لا أن يُكرر فعل ممل لا جدوى منه، وهذا لن يتم إلا بدراسة مستفيضة لكيفية تسويق الأعمال الفنية باعتبار أن مفهوم استثمارها جديد على المجتمع وليكن في مقدمة هذه الكيفية، تقديم المعرض بمستوى ما يقدم للمعارض الأخرى التي يقيمها المركز ومنها الإعلان في مختلف وسائل الإعلام وفي اللوحات الإعلانية الكبيرة في الشوارع والاتصال بالمقتنين على مستوى المحلي والعالمي.
اختم بالإشادة للأحبة في مركز الرياض للمعارض على هذا المعرض الذي جمع أسماء لم يتجاوز عددهم الخمسة عشر تشكيلياً قدّموا ما يزيد على السبعين عملاً، البعض منها يستحق الإعجاب والآخر لا بأس به، مشيرين إلى أن غالبية من بالساحة وفي الرياض على وجه الخصوص لم يعلموا عن يوم الافتتاح ولا عن بقية أيام العرض ولم يأخذ المعرض حقه إعلامياً.. صحافة وتلفزة.. سوى اجتهادات من بعض الصحف أو ما يُستعرض بشكل شخصي على الفيس بوك.
monif@hotmail.com