العلاقات السعودية المصرية مهما شابها من مشاكل وجميعها كانت عابرة، هي في ميزان التوصيف والبحث العلمي تأتي بمستوى العلاقات السعودية الخليجية، فالسعوديون يعدون مصر بلداً شقيقاً ليس ككل البلدان العربية والإسلامية، فهناك روابط لا تعد ولا تحصى، ليس فقط التاريخ المشترك والدين الواحد والجذور العربية بل الجغرافية أيضاً؛ حيث يعدُّ البلدان إقليماً جغرافياً واحداً يفصل بينهما البحر الأحمر، كما أن تاريخهما يؤكد أنه مهما عصفت الأحداث والمشاكل الكبيرة العابرة منهما لا يمكن أن يستغني أحدهما عن الآخر.
والخلافات والإشكاليات التي تحصل بين البلدين هي بالضبط ما يحدث في البيت الواحد، حيث يختلف أبناء العائلة الواحدة، إلا أنهما لا يمكن أن يتخلوا عن بعضهم البعض.
هذه بديهية لا يمكن أن يتجاهلها أحد، وإذا كانت «فعلة الجيزاوي» وتجاوزات قلة قليلة من غوغائيي الإعلام قد استفزت الإخوة المصريين قبل السعوديين. غوغائيو الإعلام الذين تخلوا عن المهنية والاحترافية التي تفرض عليهم التأكد مما ينشرون أو يتحدثون عنه، وإلا اعتبروا من الكذابين. كذابو الزفة، هؤلاء المشخصون من قبل المصريين قبل السعوديين وظفوا كذبة الجيزاوي وحرضوا بعض ممن استجابوا لدعوات الكراهية والتحريض على مهاجمة السفارة السعودية والقنصليتين في السويس والإسكندرية.
هؤلاء الغوغائيون الذين انساقوا وراء حملة الكراهية والتحريض من كذابي الزفة لم يتجاوزوا أربعمائة شخص إلا أنهم شكلوا استفزازاً للمصريين والسعوديين معاً، وللأسف انساق وراءهم آخرون لم يتبصروا ويستشعروا خطورة أقوالهم وأفعالهم، ومنهم من يصنف ضمن دائرة النخبة الفكرية والسياسية والإعلامية، وهؤلاء الذين ركبوا موجة الكراهية للإساءة إلى شعبين تجمعهما العديد من الروابط -التي لا يمكن أن تؤثر عليها فعلة مهرب مخدرات ونشوز نفر من كذابي الزفة والغوغائيين- وجدوا من يدفع لهم للتظاهر.
يوم الاثنين أظهر المصريون معدنهم وموقفهم وردوا بتظاهرات مضادة أمام السفارة السعودية في القاهرة معبرين عن استنكارهم وشجبهم لما قام به الغوغائيون وكذابو الزفة.
والواقع هذا هو المعدن الحقيقي للمصريين الذين يعيشون بيننا مكرمين مقدرين، فهم الذين ساهموا ولا يزالون في مسيرة التنمية التي تشهدها بلادنا، أطباء ومدرسين ومهندسين وصيادلة وعمالاً مهرة وأساتذة جامعات، وهم وإن وجدوا فرص عمل في بلد عربي يقدرهم، إلا أنهم يقدمون جهداً وعملاً يستحقون عليه فوق الأجر التقدير والشكر والحب، الحب الذي يحيط به السعوديون أشقاءهم المصريين الذين لا ينال من قيمتهم وأهميتهم فعلة مهرب مخدرات ولا قلة من الإعلاميين المأجورين.
jaser@al-jazirah.com.sa