|
تتزامن هذه الأيام ثلاث فعاليات في مجال التعليم العالي، تدل دلالة بينة على ما أولته قيادة هذه البلاد المباركة للتعليم العالي من رعاية واهتمام؛ لما لنشر العلم والمعرفة من أهمية في بناء المجتمعات، وعليها المعوّل في الرقي، والتنافس الشريف من أجل بلوغ الغاية، وقد أدرك ولاة الأمر -وفقهم الله- أن للتعليم العالي أهمية بالغة في الرقي بهذا الكيان في شتى المجالات؛ فأوْلوه كريم رعايتهم، ووافر دعهم، ومن تلك الفعاليات التي تبرز مكانة التعليم العالي المعرض والمؤتمر الدولي الذي تنظمه وزارة التعليم العالي برعاية من مقام خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز -حفظه الله- لهذه التظاهرة العلمية المعرفية دعمًا للتوجه بعزيمة على الإفادة مما توصل إليه العالم في جميع المجالات، فقد أصبح في متناول أيدي الباحثين والدارسين كل ما يتساءلون عنه، وبدلا من تكبد عناء السفر إلى أماكن متعددة اجتمعت الجامعات تحت سقف واحد ليستطيع الطلاب والباحثون أن يرووا نهمهم في الإجابة عن كثير من تساؤلاتهم، ولتستطيع المؤسسات التعليمية التواصل مع العالم بأسره، باختلاف لغاته وعاداته وثقافاته للإفادة من كل جديد من تجارب الآخرين، وإضافتها إلى رصيد ثقافتنا الأصيل.
وإلى جانب كون هذا المعرض الدولي أداة فاعلة في تحويل المجتمع السعودي ومؤسساته إلى مجتمع معرفي منافس فإن له أبعادًا أخرى، يجدر بالمجتمع بشتى أطيافه الإفادة منه في تحقيقها، وهي رسالة السلام والاحترام للآخر، لا سيما وقد تقاطر أرباب العلم والمعرفة ليشهدوا هذا التجمع العلمي الكبير في رحاب وطننا الأكبر، وأخلق بأبنائنا أن تكون رسالة التسامح أول ما يعود به ضيوف هذا البلد الكريم المضياف، الذين سيكون أبناؤنا عما قليل ضيوفًا في بلادهم، عندما يلحقون بإخوانهم الذين سبقوهم في الابتعاث، من أجل النهوض بمستقبل هذه البلاد المباركة، لا سيما ونحن نعيش في عالم لا يتوقف، ولا ينتظر، وإنما يشهد سرعة وسباقًا محمومًا نحو الصدارة والجدارة، وقد هيأت حكومتنا الرشيدة وسائلها، إضافة إلى وجود الكوادر المؤهلة للإفادة منها، وأنا على أمل أن المستقبل القريب مليء بالإبداع الذي بدأ يؤتي ثماره اليانعة، من خلال عزيمة أبنائه وبناته الذي صمموا على الرقي بأنفسهم وأهليهم وبلادهم.
إن إقامة هذا المعرض تمثل خطوة جبارة استطاعت من خلالها بلادنا التواصل مع كبريات المؤسسات العلمية والمعرفية في العالم بأسره، وهي خطوة تضاف في أهميتها إلى برنامج خادم الحرمين الشريفين لابتعاث أبنائه الطلاب، وما لذلك من دور في الحراك المعرفي لدى أبنائنا وبناتنا، من أجل هدف سامٍ يتوجه في النهاية إلى الرقي بالوطن المعطاء الذي أعطى كثيرًا وحق له أن ينال البر والإحسان، فهو مهد الرسالة، وموئل العلم والمعرفة، وقبلة العالمين.
ومن الفعاليات الدالة على تواصل الدعم رعاية خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- للمؤتمر الطلابي الذي يجتمع فيه نخبة من الطلاب والطالبات للتنافس الشريف في الإبداع والعلم والمعرفة، من أجل توطيد دعائم راسية للأجيال القادمة التي على كواهلها نهضة البلاد، وعلى سنن آبائهم يسيرون وفاءً وولاءً وإرادة.
إن هذه الكوكبة من الطلاب الباحثين -وفقهم الله- يعون تمامًا أن الله بتوفيقه للمخلصين من أبناء هذا البلد الكبير قد رفع بلادهم وأصلح شأنهم، وأعلى شأوهم، وحمى حماهم، ويدركون أهمية صون البناء، والحفاظ على الوحدة والأمن، ويعلمون علم اليقين أن الوطن غاية تتفانى في صونها النفوس المخلصة، وتتبارى في برها العقول النيرة.
شكر الله لولاة الأمر دائب رعايتهم، ودائم دعمهم، لما فيه الرقي ببلد الخير، والسمو بأبنائه وبناته في شتى الميادين.
د.عبد الله محمد الراشد - مدير جامعة الملك خالد