|
الجزيرة - د. حسن الشقطي
منذ أربعة شهور تقريبا (وتحديدا في 27 نوفمبر 2011م عندما كان المؤشر عند مستوى 6048 نقطة)، بدأ مؤشر السوق مساره الصاعد الحالي والمستمر حتى هذه اللحظة، حيث ربح ما يناهز 1847 نقطة بنسبة 30.5% .. وقد بدأ هذا المسار الصاعد بمحفزات متعددة، فسريان معلومات حول فتح السوق أمام الأجانب، والتي أعقبتها تأكيدات بتصريحات رسمية، ثم ميزانية العام غير المسبوقة، ثم التحسن الكبير في نتائج أعمال الشركات المدرجة بالسوق.. ثم الشروع في تطبيق زكاة الأراضي البيضاء.. أكثر من ذلك، فإن جميع من بالسوق يعتقدون أن الأسعار السوقية للشركات القيادية تعمل تحت قيمها العادلة، وينطبق ذلك أيضا على مؤشر السوق، والذي يعتق أيضا أن قيمته العادلة تفوق الـ 8000 نقطة بدون أي تشكيك.. وبالفعل انطلق المؤشر في رحلة صعود بدت أشبه بالرحلة الرأسية، وهي مستمرة وكل يوم تدعمها معلومات جديدة عن فتح السوق أمام الأجانب، ومن ثم انتظار قوة طلب جديدة وهائلة. لذلك، فإن قوة شراء جديدة أو سيولة إضافية لوحظ أنها في طريقها للسوق بشكل أصبح يدفع المؤشر للتحرك لأعلى دونما تردد. إن التساؤل الذي يثير نفسه: هل الصعود بلا رجعة؟ هل ينبغي التفاؤل على الدوام أم ينبغي توخي الحذر أيضا؟ لأننا نتعامل في أسهم.
الصعود الرأسي
للمؤشر.. والعالقون
صعد المؤشر رأسيا صعودا سريعا بدون بناء قواعد أكثر ثباتا، لدرجة أن منحى الصعود يشبه الخط الرأسي. وهذا الصعود الرأسي لا يعتبر جيدا لأي مسار صاعد، بل يثير المخاوف من أن الارتداد يمكن أن يكون رأسيا أيضا.. لذلك، فإن هذا الصعود ليس فرصة للمضاربات العشوائية كما يعتقد البعض، ولكنه فرص لالتقاط الأنفاس جيدا وتعديل أوضاع المحافظ العالقة وهي فرصتة قد لا تتكرر إذا يجب تحسين أوضاع المحافظكم فمثل هذه الفرصة لا تجيء إلا كل بضعة أعوام. اليوم هناك صعود رأسي وهناك صعود لفترة ممتدة نسبيا.. وهناك حافز قوي يضمن استمرار هذا الصعود -على الأقل- حتى وقوع المؤثر المنتظر، وهو فتح السوق أمام الأجانب.
المضاربات العشوائية والتوجهات الاستثمارية
إذا تفحصنا الأسهم الأعلى نشاطا وتلك الأعلى ربحية، يمكن أن نحدد هل المسار المضاربي هو المسيطر أم أن المسار الاستثماري هو الأكثر سيطرة؟ نعم بالفعل هناك مضاربات، اشتعلت في العديد من الأسهم الشهيرة.. مثل أسهم أليانز وصدق اللذان حققا أعلى معدل صعود خلال الشهور الثلاثة الأخيرة.. إلا أنه مع ذلك، فقد لوحظ أن أغلب الأسهم النشطة كانت أسهماً استثمارية، فزين والإنماء ودار الأركان وإعمار وكيان ونماء ومدينة المعرفة وكيماونول، انتهاء بسابك .. جميعها أسهم جاءت كأعلى نشاطاً بالكمية خلال الشهور الثلاثة الماضية.. بل إن أسهم البتروكيماويات سيطرت على الأسهم الأعلى نشاط خلال الآونة الأخيرة.. بشكل يدل على أن التوجهات الاستثمارية هي التي تقود السوق مؤخرا. وأن الشراء ليس عشوائيا، وإنما هو شراء انتقائيا استعدادا لفترة ما بعد قدوم الأجانب غير المقيمين.. ويبدو أن المستثمرين الحاليين بالسوق يتوقعون توجه هؤلاء الأجانب إلى أسهم استثمارية بعينها.
الطلب المتوقع للأجانب..
إلى أين يسير؟
فتح السوق أمام الأجانب له احتمالان الأول: إما أن لا يحدث جديد تحت اعتبار أن السوق أصلا في الوضع الراهن يعتبر مفتوحا أمام الأجانب من خلال اتفاقيات المبادلة ومن خلال صناديق المؤشرات، وبالتالي فإنه في ظل تدني مشاركة الأجانب حاليا يمكن توقع أن فتح السوق أمامهم للتداول المباشر يمكن أن لا يحدث أي تغيير حقيقي مستقبلا. أما الاحتمال الثاني، وهو الأقوى إن فتح السوق للتداول المباشر أمام الأجانب سيقود إلى تغيرات جذرية عن الوضع الراهن المقيد باتفاقيات المبادلة. ومن ثم فإن سهولة التداول بلا قيد ستعطي للأجانب ثقة في السوق للتحرك بحرية، فهؤلاء المستثمرون دوليون بطبيعتهم، وهم يقبلون على الأسواق التي تمتلك الحرية الكاملة، ويتخوفون من أي سوق يقيد تحركاتهم. ولكن الأهم كيف سيفكرون عند سعيهم للاستثمار في السوق السعودي؟ هل للمضاربة أم للاستثمار؟ وأي استثمار؟ وهؤلاء المستثمرون الأجانب قد لا يكونون أفراداً، وإنما مؤسسات وكيانات كبرى، وقد تكون لهذه الكيانات مصالح مع شركات سعودية، يأتي على رأسها المصارف والبتروكيماويات والاتصالات والتأمين.. في اعتقادي أن أي شركة ترتبط بعلاقات تراخيص أو فرانشيز أو أن المؤسس الحقيقي لعلامتها التجارية أجنبي أو لها شركاء أجانب يمكن أن تكون هدفا للاستحواذ بعد فتح السوق للأجانب.. بل إن فتح السوق للأجانب قد يكون مدعاة لفتح شراكات استثمارية كبرى بين الشركات السعودية المدرجة بالسوق وبين شركات أجنبية، تتم هذه الشراكات من خلال شراء حصص كبيرة في أسهمها بالسوق. إن خريطة سوق الأسهم قد تتغير تماما بعد هذه الخطوة.. وفي اعتقادي أن انتظار هيئة السوق طيلة 2011م لفتح السوق كانت خطوة موفقة، وخاصة مع حدة الاضطرابات السياسية التي كان تعاني منها المنطقة العربية ككل آنذاك.
أرقام التداول حسب
الجنسية توجب الحذر
رغم التفاؤل ورغم وجود محفزات حقيقية تدعم الصعود حاليا، إلا أن إحصائيات التداول حسب الجنسية لم تقدم أي دليل على وجود تغيرات في جنسيات المهتمين بالتداول بالسوق، فلا يزال الأفراد السعوديون هم المسيطرون بالنسبة الأعلى (ما بين 92-93%)، يليهم الشركات السعودية بنسبة ما بين 3-4%، ونسبة 1-2% للصناديق الاستثمارية.. ومساهمة الأجانب بكافة أشكالهم (خليجيين وعرب ومقيمين وغير مقيمين) لم تتجاوز 2% .. وفي ضوء ضخ معلومات مؤكدة عن قرب فتح السوق أمام الأجانب غير المقيمين، كان يتوقع أن تتزايد قيمة اتفاقيات المبادلة من أطراف أجنبية يفترض أن تتسابق على الاستحواذ على حصص بالسوق بأسعار منخفضة في يناير وفبراير الماضيين، تحت اعتبار أن هذه الأسعار سترتفع عند الفتح الفعلي للسوق أمام الأجانب فيما بعد.. ولكن ذلك لم يحدث، وهو ما يدعو للتعامل بحذر مع كل صعود جديد في الوقت الراهن.
زكاة الأراضي.. مبرر سيولة إضافية لسوق الأسهم
أحد المحفزات الحقيقية المنتظرة لسوق الأسهم خلال الفترة المقبلة، هي التطبيق الفعلي لمشروع فرض الزكاة على الأراضي البيضاء .. ويعتقد البعض أن المضاربات في الأراضي البيضاء ازدادت مع أزمة التصحيح في سوق الأسهم في 2006م، وهي الأزمة التي أجبرت الكثير من المستثمرين إلى تحويل سيولتهم إلى العقار، والتي اتخذت شكل تسقيع الأراضي البيضاء أو أراضي المساهمات أو المخططات الجديدة .. وقد تسبب ذلك في ارتفاع مبالغ فيه في أسعار هذه الأراضي .. الآن ومع بدء تطبيق الزكاة على هذه الأراضي، يتوقع أن تجبر هذه الزكاة الكثير من المستثمرين في العقار إلى العودة إلى سوق الأسهم .. بل إن ارتفاعات سوق الأسهم خلال الفترة من نوفمبر الماضي وحتى الآن ربما كانت مدعومة بتوجهات نقل سيولة كبار المستثمرين من العقار إلى الأسهم مدعومين بمحفز قرب فتح السوق أمام الأجانب.. هذا ومع التطبيق الفعلي لهذه الزكاة يُتوقع أن تتحول مزيداً من السيولة التي ترغب في المضاربات إلى الأسهم.