|
الجزيرة - محمد السهلي
دائماً ما تفاخر ماليزيا بفتاها الجسور باديلسياه عبدالغني.. ففي سن 32 أصبح بفطنته أصغر رئيس تنفيذي لأهم بنك استثماري إسلامي في ماليزيا.. ولم يخيب عبدالغني ظن من وضع الثقة به عندما قاد هذا البنك الصغير ليصبح اللاعب رقم واحد في إدارة إصدارات الصكوك حول العالم. ووجد عبدالغني نفسه في دائرة الأضواء بعد أن ظهرت تصريحات إعلامية له مفادها بأنه يجب ألا يسمح للبنوك الغربية التقليدية إصدار سندات إسلامية (وذلك من مخافة أن تستخدم أموال حملة الصكوك لدعم العمليات الربوية لهذه البنوك).
رد عليه رشدي صديقي (المدير العالمي للمالية الإسلامية بتموسن رويترز) بأن هذه التصريحات مخالفة لروح وطموحات (صناعة المال الإسلامية).. وذهب إلى أن مثل هذه التصريحات كانت متوقعة من جماعات مناهضة للشريعة (يقصد تلك الجماعات التي تكافح لعدم توسع نشاط المالية الإسلامية في الأراضي الأمريكية).
وعرف عن عبدالغني جرأته في قول ما يراه صائباً حتى لو أغضبت جرأته المنتفعين من توسيع نطاق مشاركة البنوك الغربية في صناعة المال الإسلامية.. والعبرة هنا ليست في الجرأة فقط بل في تفضيل كشف المخالفات الشرعية بدلاً من السكوت عنها وذلك من أجل الحفاظ على الأمن الوظيفي للمصرفي نفسه. وجرت العادة في مثل هذه القضايا الحساسة أن يلتزم المصرفيون الإسلاميون الصمت خوفاً من أن تساهم تصريحاتهم في التأثير على مسيرتهم العملية (حتى لو كان الأمر يعني أن تصريحاتهم ستساهم في حفظ أموال المسلمين من استخدامها بمنتجات غير متوافقة مع الشريعة. فمثل هذه المواقف الجريئة، التي تقدم فيها مصلحة العامة على الخاصة، قد تؤدي بهم إلى فقدان الوظيفة في وقت تقوم فيه البنوك بتقليص أعداد موظفيها بشكل غير مسبوق. وسيتفاجأ المتتبع لقضية «صكوك جولدمان ساكس» الأمريكي منذ بدايتها لإعداد المحامين والمصرفين الذين يصرحون من دون ذكر أسمائهم.. ولفتت قضية «صكوك جولدمان» الأنظار قبل ثلاثة أشهر عندما تجرأ شاب سعودي على نشر مذكرة بحثية يكشف فيها ثلاث فجوات شرعية تجعل من هذه الصكوك غير متطابقة مع الشريعة. وتبعه بعد ذلك المدير التنفيذي السابق للمالية الإسلامية ببنك باركليز كابيتال وهو حارث عرفان الذي تجرأ وصرح لوكالة بلومبرج المالية في وقت كان الجميع يتهرب من التعليق على هذه القضية أمام وسائل الإعلام.
ولا تقتصر المواقف الإصلاحية الجريئة على صناعة المال الإسلامية بل تمتد إلى معاقل المصرفية الرأسمالية بوول ستريت. فقبل أيام بسيطة شن مصرفي سابق بجولدمان ساكس هجوماً حاداً على عملاق صيرفة «وول ستريت» في عامود كتبه لصالح صحيفة «نيويورك تايمز». وقال غريغ سميث، الذي شغل منصب نائب مدير مبيعات المشتقات، في العامود الذي نشره في آخر يوم عمل له بأنه يشعر بالاستياء من الطريقة التي يتحدث بها الموظفون عن خداع العملاء.. حيث يقول: رأيت خمسة أعضاء منتدبين خلال السنة الماضية يشيرون إلى عملائهم بكلمة «الدمى».
وبين ليلة وضحاها تحول «غريغ» إلى بطل قومي من وجهة نظر الطبقة البسيطة من الإمريكان.. حيث أثار «غريغ» عاصفة من التعليقات في «تويتر» وبعض مواقع التواصل الاجتماعي. وتستخدم كلمة «دمى» لوصف الأشخاص الذين ينظر إليهم بأنهم جهلة (فيما يتعلق بفهم آلية عمل المشتقات المصرفية).
ولم يلتزم مصرف «جولدمان ساكس» الصمت حيث أصدر بياناً صحفياً مقتضباً، بحسب رويترز، قال فيه: نحن نختلف مع وجهات النظر التي تم التعبير عنها في هذا العامود والتي لا نعتقد أنها تعكس الطريقة التي ندير بها أعمالنا».