رماح قضيمي *
يجب على الولايات المتحدة ألا تهاجم سورية، فالتدخل العسكري الأمريكي من المتوقع أن يجعل الأمور تزداد سوءاً على الشعب السوري. فقد دعا السيناتور الأمريكي من الحزب الجمهوري عن ولاية أريزونا الأمريكية جون ماكين الولايات المتحدة للبدء في قصف قوات الحكومة السورية، ومن المؤكد أن الصور ومقاطع الفيديو والقصص - التي تأتي من سورية التي قتل فيها نحو 7500 شخص - كلها مروعة، ومن المفهوم أن أصحاب النوايا الصادقة ربما يعتقدون أن التدخل العسكري هو الحل في سورية، ولكنه ليس كذلك.أولاً، إذا كان الهدف هو حماية المدنيين السوريين، فإن مثل تلك الهجمات يمكن أن تؤدي إلى نتائج عكسية، فمعظم القتال يجري في مناطق مدنية مأهولة بكثافة سكانية، لذا فإن الكثير من القصف هناك يمكن أن يهدد السكان المدنيين، كما أن الهجمات الأمريكية يمكن أن تدفع نظام بشار الأسد إلى شن هجمات أكثر ضراوة ضد السوريين كرد انتقامي.ثانياً، أن التدخل العسكري ليس الحل الناجع؛ فلا توجد صورة واضحة عن الأهداف السورية التي يجب أن يكون لها الأولوية في القصف أو كيف يمكن للضربات العسكرية أن تسقط النظام، فعلى عكس الحالة الليبية، عندما كانت هناك انشقاقات كبرى في كل من الحكومة والجيش، فإن الدكتاتورية في سورية أثبتت أنها أكثر مرونة.
ثالثاً، يمكن أن يصبح الهجوم العسكري الأمريكية ذريعة لإعطاء شرعية لمزاعم دمشق بشأن أن انتفاضة الشعب السوري هي «مؤامرة خارجية»، فيمكن أن يؤدي ذلك إلى أن يدفع الأشخاص - الذين يستهدف القصف إلى إنقاذهم - إلى الانحياز إلى النظام السوري بدلاً من ذلك.
وأخيراً، يمكن أن يؤدي الهجوم الأمريكي إلى حرب أوسع، فهناك توترات طائفية في البلاد، التي أذكاها نظام الأسد لعدة عقود من أجل مصالحه الشخصية، لذا فإن القصف الأمريكي يمكن حينئذ أن يشعل الأوضاع لتصبح حرباً أهلية كاملة.
كما أن هناك مخاطر متعلقة بالقصف الأمريكي وهو أن يحول ما يحدث في سورية إلى حرب إقليمية شاملة، فإيران وحزب الله حلفاء للنظام السوري، كما أن روسيا كذلك، بينما المملكة العربية السعودية وقطر يسلحان المعارضة، فانتشار الهجمات الأمريكية يمكن أن تؤدي الى تردي المنطقة بكاملها إلى أتون الصراع، كما يمكن استدراج إسرائيل إلى تلك الحرب أيضاً، ومن المؤكد أن الولايات المتحدة ليست بحاجة إلى أن تعود إلى أيام المواجهة النووية مع موسكو.ورفع خيار التدخل العسكري من على المائدة لا يعني أنه لا يوجد ما يمكن فعله في سورية، فاللاجئون يتدفقون إلى تركيا ولبنان والأردن وهم بحاجة إلى الكثير من المساعدات الإنسانية، كما يجب على الولايات المتحدة أن تستخدم نفوذها الدبلوماسي لمحاولة إجراء وساطة لوقف إطلاق النار، ثم في النهاية التوصل إلى تسوية يمكن أن تشتمل على تنحي الأسد. ولكن ذلك لن يتم بواسطة القصف الجوي على أية حال.
- محاضرة بجامعة جورج تاون
موقع (ذي بروجرسيف)