فاصلة:
(نقاط الماء التي تسقط باستمرار تخرق السطر)
- حكمة يونانية -
رغم حداثة عهدي بموقع التواصل الاجتماعي «تويتر» فلم أسجل فيه الا منذ ثلاثة أشهر إلا أن عددا من الملاحظات باتت واضحة لي من خلال وجودي يومياً للاطلاع على ما يدور فيه.
المسألة ليست قضاء وقت أو ترفيه لكن هذا الموقع يعتبر هو وموقع «فيس بوك» من أشهر مواقع التواصل الاجتماعي ويتم عادة تنظيم ورش عمل خاصة بمزايا هذه المواقع من حيث تدفق المعلومات والآراء فيها ومما لاشك فيه فإن لها تأثيرا على المجتمع ربما يتضح مع الوقت أكثر.
بدءاً بالنسبة للصحافيين والكتّاب فمن الملاحظ أن نسبة كبيرة منهم في تويتر الا أنني لاحظت ندرة وجود الصحافيات مقارنة بالكاتبات.
في هذا الموقع لاوجود للهالة الاعلامية التي تصنع لبعض المشاهير، فالقارئ هو ايضا في تويتر كاتب وله جمهوره
بالنسبة لنا ككتّاب فإن تويتر وضعنا على محك التواصل مع كافة شرائح المجتمع وحمل هذا تحدّياً لمقدرة الكتّاب أنفسهم المنادين بحرية التعبير على التحمّل واستيعاب وجهة النظر المخالفة لهم. وبالرغم من ان الكتّاب يبررون حظر مخالفيهم من التواصل معهم بأنهم لا يقبلون اسلوب الاستفزاز أو الالفاظ النابية الا ان بعضهم يمارسه لأنه بالفعل ليس على استعداد لمناقشة الجميع فهو يختار نخبته.
في الماضي كان الكتّاب محميين عبر مؤسساتهم الصحافية التي يكتبون بها فلا يمكن لأي مؤسسة أن تنشر تعقيبا لاذعا لكاتبٍ فيها انما في تويتر فقد الكتّاب هذه الحماية.
كما ان تويتر استطاع أن يكسر الحاجز بين الكتّاب وقرائهم فالكاتب في تويتر امام امتحان صعب فهو وجها لوجه أمام قرائه وبالتالي تظهر ملامح شخصيته وكيف يفكر بعيداً عن القناع الذي يلبسه بعض الكتّاب حين يكتبون مقالاتهم.
من جهة اخرى فإن تويتر كشف عن احتقان بين التيارات المختلفة في مجتمعنا بشكل لافت إذ لا يمكن لعاقل التفريق بين وجهات النظر في ظل تربّص كل تيار بشخص الآخر دون التركيز على فكره.
هذا الاحتقان مؤشر خطير يدعونا الى فهم الرواسب التي تشكلت عبر سنوات عديدة حتى بات من الصعب ان يتفهم المتابع للآراء اذا كان المغردون يلقون بوجهة نظرهم على ارض تويتر ام بقنابل من شأنها ان تفجر ليس التيار الآخر وانما تحدث خدوشا في النسق الجمعي، لأن التساؤل المهم من هو الكاسب لهذه التراشقات بين الكتّاب والمثقفين وعامة الناس ففي كل معركة يوجد هدف، وقد كانت المعارك الادبية سابقا تخرج لنا نتاجا مختلفا انما معارك تويتر تعمل باتجاه مخرجات عنصرية لا تشكل اي إضافة على مستوى الثقافة والفكر وسلامة المجتمع.
nahedsb@hotmail.com