طوّرت جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست) برنامجاً لا يدخل ضمن المناهج الدراسية، ولكن يعتبر ضمن البرامج التي تثري الطلبة، وينظر إليها كجزء أساسي من البرامج التعليمية، وهي تجربة متّبعة في كل الجامعات العالمية، ولكنها جديدة لدينا، حيث دعت الجامعة عدداً كبيراً من المحاضرين من مختلف أنحاء العالم، وكان لي شرف تقديم محاضرة حول «تجسير الإختلافات بين الحضارات لغرض إقامة مشاريع مشتركة»، “ Bridging Cultural Differences in Business”.
وقد اكتشفت خلال مشاركتي أن لجامعة كاوست» إيجابياتها الكثيرة، ولها سلبياتها، وهي قليلة، ولكن إيجابياتها وسلبياتها مهمة:-
كاوست: هي حلم خادم الحرمين الشريفين، وقد اكتشفت أن الجانب التعليمي منها كجامعة هو ربما يمثل 40% من خطتها، أما الجزء الأكبر فهو جهد البحوث العلمية، وأهم تلك البحوث هو ما يحتاجه هذا الوطن فيما يتعلق بأبحاث المياه، والطاقة، والتقنية، والأمن الغذائي.
كاوست: اجتذبت مختلف أنواع العلماء، والمدرسين، والطلبة، من مختلف دول العالم (80 جنسية).
كاوست: رأيت بها بيئة تعليمية جيدة، ذكرتني بالجامعات التي درست فيها في الخارج، وفي نفس الوقت شاهدت أن أغلب الطالبات المسلمات إما محجبات، وقلّة منقبات، وباقيهن بلباس يعبّر عن احترام هذا المجتمع، نعم هناك اختلاط، ولكنه اختلاط واضح للعيان، وليس وراء الكواليس.
كاوست: تمتلك بيئة عملية من المنشآت، ولديها السلاسة، والمرونة المالية، في تنفيذ العمل على أعلى مستوى، ومن حق باقي الجامعات السعودية أن تحسدها على ذلك.
كاوست: وهنا سأتحدث عن الجانب السلبي، فهي منعزلة في عالمها، وقد تتنازل عن فرصة التفاعل مع المجتمع السعودي، خصوصاً فيما يمكن أن تقوم به للمجتمع ككل، وللقطاع الخاص بشكل خاص، من قدرات أبحاث تمتلكها، وهنا سأضع تقديري، ورأيي الشخصي، بأن تلك العزلة، هي نتاج لما واجهته عملية تأسيس الجامعة من هجمة مضرية خاطئة، وضيقة الأفق، من قبل قلّة.
اليوم، وبعد تلك الزيارة، وبعد كل المال، والجهد، الذي بذل لتحقيق نظرة خادم الحرمين الشريفين، بإيجاد جامعة متميزة، وخصوصاً في قدرتها البحثية، يطرح السؤال نفسه: لماذا نحرم مجتمعنا من الإستفادة منها، ولماذا لا توجد تفاعلات بين قدراتها البحثية، وحاجات القطاع الخاص، والذي هو الموظف الأساسي للجيل الجديد؟!
mandeel@siig.com.sa