لم ولن يتوقف الحديث عن ازدواجية العالم الغربي ومجلس الأمن فيما يتعلق بالثورات العربية، فالبون شاسع بين ردة الفعل على ثورات تونس ومصر وليبيا من جهة، وثورة سوريا من جهة أخرى، وهذا ما جعل مجلس الأمن يفقد ما تبقى له من مصداقية بعد الفيتو الأخير الذي استخدمته روسيا والصين بخصوص سوريا. ترى هل كانت الدول التي صوتت مع القرار بما فيها الولايات المتحدة جادة في تمرير القرار، والعودة ربما إلى أيام الحرب الباردة،أم أن ما حصل كان تبادل أدوار لا أكثر، كما حصل في الماضيين القريب والبعيد؟
كان واضحا أن هناك رغبة أمريكية جامحة في التصويت على القرار، وعدم تأجيل ذلك، على الرغم من علمهم الأكيد أن روسيا والصين سيستخدمان حق النقض، فلم العجلة والإصرار على التصويت؟، ثم هل كان يعجز المحور الغربي أن يقدم بعض التنازلات التي ربما كانت كفيلة بتحييد روسيا والصين، خصوصا وأن هناك سوابق مماثلة لمثل هذه المناورات، كما حصل أيام حرب الخليج الثانية؟!. كل الدلائل تشير إلى أنه لم تكن هناك إرادة حقيقية لتبني أي قرار ضد سوريا من مجلس الأمن، ومن يظن غير ذلك فهو لم يتابع الأحداث جيداً منذ بدايتها.
الإعلام الروسي أشار بإسهاب إلى أن الموقف الروسي المتصلب كان سببه أن الرئيس بوتين شعر أن المحور الغربي خدعه في موضوع ليبيا، وذلك حينما تم تمرير قرار من مجلس الأمن لحماية المدنيين الليبيين، ثم استغله الغرب -حسب بوتين- للمضي أكثر من ذلك، إذ تولى حلف الناتو كبر الإطاحة بالقذافي متقمصاً دور الثوار، وهي ما لم يغفرها بوتين لهم، إذ أطاحوا بأحد أكبر مستوردي السلاح الروسي ممثلا بالعقيد القذافي!. حسنا، ولكن هل من الحكمة أن يقوم سياسي عركته التجارب بحجم بوتين بدعم النظام الســــوري المترنـــــح، مضحيــــا بأي علاقة مستقبليـــة مع النظام الســــوري المقبل لأجل أن يرد الصاع صاعين للغربيين ؟، وهو السؤال الذي لم يستطع أي محلل روسي أن يجيب عليه حتى اللحظة.
من الواضح أن الرهان الروسي على النظام السوري مغامرة، ولكنها مغامرة مفهومة، فقد ذكر أحد المحللين الروس أن بوتين يرى أن هناك إمكانية لإحياء «الحلم « الروسي القديم المتمثل بدخول مناطق النفوذ الغربية مستقبلا عن طريق دعم محور إيران - العراق - سوريا - لبنان، وما هو -ربما- أبعد من ذلك!، فهل يتحقق الحلم؟. كل الدلائل تشير إلى صعوبة أو ربما استحالة ذلك في ظل التوقعات بسقوط النظام السوري، والأزمات السياسية والاقتصادية التي يمر بها نظام طهران، ومع ذلك فإن الروس لهم رأي آخر حيال هذا الأمر. وختاما، فإن أفضل من وصف حال دعم روسيا للنظام السوري هو الكاتب الأمريكي توماس فريدمان، والذي قال: «إن دعم بوتين للأسد يماثل شراء تذكرة ذهاب وعودة على سفينة التايتنك الغارقة!».
فاصلة
« الذين يقفون في وجه الثورة السلمية لا يعلمون أنهم يشجعون على قيام ثورة مسلحة»
(جون كينيدي)
ahmad.alfarraj@hotmail.comتويتر @alfarraj2