فجعت منطقة سدير صباح الخميس الماضي بوفاة العم عبدالعزيز بن عبدالعزيز المنقور، من رجال الأعمال المعروفين، صاحب الأيادي البيضاء والأعمال الجليلة -رحمه الله رحمة واسعة- فحينها تذكرت قول الشاعر عبده بن الطيب عندما علم بوفاة قيس بن عاصم المنقري التميمي فقال مرثيته:
وما كان هلكة قيس بهلكة واحد
ولكنه بنيان قوم تهدما
نعم أيها الإخوة، إنها مصيبة الموت ومرارة الفراق لقوله تعالى: {فَأَصَابَتْكُم مُّصِيبَةُ الْمَوْتِ} (106) سورة المائدة. ولعلي هنا لا أستطيع أن أعبِّر ما يختلج بداخلي حيث لا يتسع المجال لذكر سيرته..
فقد كان رحمه الله صاحب رأي سديد ونظرة ثاقبة وحضور مميز يألفه من يجالسه ولا يفارقه من عرفه، واصل لرحمه، صاحب خلق رفيع وقلب كبير، كان رحمه الله عطوفاً مع الصغير قبل الكبير، لا يفرق بين أحد من الناس ولا يرى لنفسه حقاً ولا ينتظر شكراً على معروف أسداه لأحد، لذا حظي بمحبة الناس له وافتقده من عرفه، كما قال الشاعر عبدالله بن صقيه:
يفقد اليامات العريب الطيب
والا الردي لامات ما هو يفقدي
سخر وقته وافنى عمره وبذل ماله وجاهه في خدمة مدينته حوطة سدير الواقعة شمال الرياض 130ك مسقط رأسه ومرتع صباه، فمنذ خمسين عاماً وهو يتابع مشاريعها التنموية ودوائرها الحكومية وما من شأنه تطويرها ونهوضها على أكمل وجه.
فقد بدأ في عام 1373هـ بطلب لاسلكي من جلالة المغفور له -بإذن الله- الملك سعود بن عبدالعزيز وبعد يومين يأتي الرد من جلالته بالموافقة على ذلك. فطيلة الخمسين عاماً الماضية يتابع مع القيادة الرشيدة ممثلة في الوزارات والمصالح الحكومية ما من شأنه النهوض بمدينته حتى اكتملت حوطة سدير بفضل الله تعالى وأصبحت ثاني أكبر مدينة بمنطقة سدير، وآخر ما تم قبل وفاته طلبه تخصيص أرض لكلية العلوم الإنسانية بحوطة سدير، وتأتي موافقة وزارة الشؤون البلدية والقروية بتخصيص أرض مساحتها مليونان وأربعمائة ألف متر مربع قبل وفاته بيوم واحد، ففرح بذلك -رحمه الله.
رحمك الله يا أبا أحمد فقد كنت خير مثال يقتدى به في المروءة والوفاء والوصال والإحسان والأخلاق الحميدة وقمة التواضع..
إن القلب ليحزن وإن العين لتدمع وإنا على فراقك يا أبا أحمد لمحزونون ولا نقول إلا ما يرضي ربنا جلَّ وعلا, {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.
محمد بن عبدالكريم المنقور