اسمها مكيده بنت جمعان الغيثي الشمري مشهورة بالجمال الفائق وفي نفسها بعض الإعجاب وهي كثيرة المزح والعجب على عفة وشرف، فقد سمعت عن الشاعر المشهور خلف أبو زويد أنه لا يتغزل في النساء وكل شعره في مدح الرؤساء وشيوخ العشائر ووصفه الدقيق للجيش وبروزه في هذا المجال إلى درجة تفوقه في الوصف على بعض الشعراء، وقد سبق أن تحيّلت به خزنة الفضيل المشهورة هي الأخرى بالجمال فتعرضت له عند غنمه متجملة له بعد حصول نزاع بينها وبين بعض من نساء عشيرتها بأن أبو زويد لا يقصد بالنساء، فقالت: أنا أستطيع على إرغامه بأنه يقول شعراً فيَّ. وفعلاً بعد أن مازحته وبينت له بعض ملامح الرغبة فيه فقال قصيدته المعروفة التي مطلعها:
والله لولا باقي الناس لا أشير
أخاف من ناس اتنثر قشوشه
إلى قوله:
الردف شط حويّرٍ له على ظير
أمه جضور وراعيه ما ينوشه
والا يشادي نابيات الحمارير
عقب الهبوب وكاربته الرشوشه
فكانت مكيده هذه تريد من هذا الشاعر قصيدة تبقى فيها إلى الأبد وأرادت المكر فيه حيث ورد العرب على (خبرا) كبيرة وعليها عربان كثير فأوعزوا لها عليه بطرف الخبرا مع غنمه فأقبلت عليه تخوض الماء رافعة عن ساقيها، فقال لها: ركيت الماء على غنمي، فسلمت عليه وقالت: أنا لي مدة أسأل عنك وأبحث ومشتاقة لرؤياك عما أسمع عنك وأنت تستقبلني بمثل هذا الكلام الخشن هذا من سوء حظي معك بعدم قبولي ورجعت منه تتأوه وتسمعه كثرة أسفها ورغبتها فيه، وكان لا يعرفها فتحيّر وبدأ يسأل عنها بدون دليل وتفرّق الناس بحلول الصيف وهو لم يعرفها فركب ذلوله يبحث عنها وهو كثير الأسف لأنه لم يسألها في حينه عن أبيها، ويوماًَ عارضه أحد الناس ماذا قلت بمكيده بنت جمعان التي خاضت عليك الخبرا فعرف اسمها وتأكد عن أبيها وعمد إليهم خاطباً فقال بوالدها قصيدة لم أطلع عليها ينخاه على قبول خطبته لها فقال: أبشر بها من عندي إن قبلت، وكلمها من قريب وقال الوالد هذا شاعر مجيد وأخشى أن أكون برده عرضه لسبه وأنت السبب والآن أنت بالخيار وأرجو أن تكوني على ظني فيك بالقبول فقالت: هو غير صالح لي زوج ولكن حسب مدحه لك وعنوته وأنا السبب الأول فلكم مني زواج ثلاثة أيام حق الضيف وبعد ما تلزمونني فإن قبلتم هذا الشرط فأتموه وفعلاً زوجه من ليلته فأراد الله أن يصير المزح جداً وتكون أم أولاده وبعد تمام ثلاثة الأيام قالت تم الشرط فقال هو لوالدها إن كان بنتك بان فيها حمل فهي زوجتي وسأعود عليكم وإن لم يكن ذلك فأنت وكيل افصخها وفعلاً حملت فلزمها وبقيت معه حتى النهاية أما قصيدته فيها يوم أن كان يبحث عنها فهي:
يا راكب اللي كن تدرا امن أيده
حمرا على السند اضروم بشوعي
حمرا اتدَّنا للديار البعيده
عمال ما مرت عليها القطوعي
ركابها يوصل كلامي امكيده
حبه امخلي للضماير امزوعي
كلٍ نهار العيد يلبس جديده
وأنا نهار العيد عيدي دموعي
يا ناس هنيت القلوب البليده
ما ولعنه زاهيات الردوعي
جوٍّ جمع من كل سموا ابد ايده
وجانا البلا من ذيهبان النجوعي
الراس ذيل اللي تلوج ابحديده
شقرا اترادى من هواه الفزوعي
سعود بدر المقاطي
من آدابنا الشعبية تأليف منديل بن محمد الفهيد - الجزء الثاني