كنت أعتقد بل وكنت مقتنعاً تماما بأن المهاترات والتجاوزات ووضعية الإعلام الرياضي المحلي لدينا هي جزء من منظومة كبيرة أطرافها الإداري والمدرب واللاعب.. بحكم أن كل واحد منهم يتحمل جزءاً من المسؤولية في التقصير أو فيما يحدث من إسفاف أو إساءات أو تجاوزات أوصلتنا لهذا الاحتقان وهذا التعصب وتلك الملاسنة والمشاحنة والعدواة والبغضاء بين أبناء الشعب الواحد.. وكانت هذه القناعة راسخه لدي رغم محاولة قادة لواء التعصب والتطرف في مجتمعنا الرياضي رمي المشكلة برمتها على الإعلام الرياضي وتحميله لوحده المسؤولية فيما يحدث.
وكان السبب المباشر في قناعاتي تلك أن من ينتقد الإعلام ويحاول إلصاق التهمة به ويؤكد أنه السبب المباشر في توتير الأوضاع وتأزيم المواقف هم أكثر من يتواجد على الساحة الإعلامية الرياضية وأكثر من يملأ الأرض والفضاء ضجيجا وإزعاجاً وتهكماً وسخريةً بالآخرين وهم أيضاً عناصر أساسية مشاركة مع الأسف في توجه إعلامي بذيء وممقوت يتسم بالدجل والبكائية المصطنعة والتي ساهمت في تأجيج المواقف وتصعيد الأحداث..
وكنت أظن وخاب ظني أنهم لو حكموا لغة العقل والمنطق وتوقفوا عن المهاترات وأراحوا القنوات من الاتصالات والمداخلات والصحف من التعقيبات والبيانات لخفت حدة التوتر ولانحصرت المسؤولية في الإعلاميين أنفسهم وتم تلاشي الوضع ومعالجته والقضاء على وضع مؤسف ومزرٍ يتمثل في انفلات وهجوم متبادل غير مبرر جعلنا من أعظم المجتمعات الرياضية تعصباً وأعظمها إسفافاً في الطرح ومعالجة المواضيع القائمة على الساحة الرياضية.
ولكن مع الأسف الشديد وبعد مباراة الهلال والفتح الدورية الأخيرة التي انتهت بفوز مستحق لمتصدر الدوري وما أعقبها من طرح إعلامي ساقط وبذيء وغير أخلاقي تغيرت قناعتي وتأكدت أن معظم من ابتلي بهم الإعلام الرياضي وامتهنوا الصحافة والكتابة يتحملون جزءاً كبيراً من المسؤولية، وشريك رسمي وممول سخي في السقوط في وحل التعصب والتطرف الذي تشهده الساحة الرياضية حاليا وتحديدا بعد مباراة الهلال والفتح مما أكد أننا بحاجة ماسة وضرورية إلى حل جذري وحاسم.. من أعلى سلطة في البلد فالوضع لا يتحمل أكثر مما هو عليه الآن، وذلك بعد أن غرقنا في مستنقع الانهيار الخلقي بعد انعدام الطرح الراقي الشريف وتحوّل الساحة إلى اتهامات متبادلة وجدل بيزنطي لن ينتهي ولن ينتهي ما لم تكن هناك ضوابط صارمة لما يطرح وينشر في الساحة الإعلامية الرياضية.. بحيث نضمن تقديم مهنية مميزة ومثالية أيضاً تحظى بمتابعة وإعجاب الجميع، وهذا لن يتحقق الابالضرب بيد من حديد على العابثين بالمبادئ الاجتماعية والخلقية وعلى من تسول له نفسه المريضة أن يحقق رغباته الدنيئة على حساب المبادئ السامية والأخلاق الحميدة وعلى حساب مساحة الحرية المتاحة من قبل القيادة العليا والتي أسيئ مع الأسف فهمها وتم تجاوزها لننحدر بنا إلى مستنقع كريه بسبب عبارات يخجل المرء العاقل النبيه من إعادة ذكرها في مجلس محترم وراق فما بالك فيمن تعدى حدود الجرأة والأدب وكتبها عنوانا صحفيا على رؤوس الأشهاد في أعمدة الصحف وفي جريدة قابلة للتدوال في أيدي كل فئات المجتمع السنية ذكر أو أنثى ومتاحة للدخول في المنازل بين يدي أفراد الأسرة التي علينا مسؤولية تحصينها من هذا العبث القذر البذيء وذلك بمنع هذا الغث من دخول بيوتنا.أن المسؤولية في إيقاف ذا المسلك غير الأخلاقي الساقط لا تقع على عاتق وزارة الإعلام فقط بل يتعداه إلى مشاركة جهات حكومية أخرى في حسم الأمر وبتر هذ التوجه البغيض فالمسألة لم تعد عنوانا رياضيا بل تجاوزه إلى عناوين ساقطة لو تم السكوت عنها وتسجيل القضية ضد مجهول فستقودنا إلى أوضاع أسوأ وسنواجه ويلات داء سيستشري من الانعدام الأخلاقي في الجسد الرياضي سيصعب معالجته وسيسبب التصدع والتشقق في مجتمع يفتخر بالتزامه وخصوصيته.
وثمة أمر آخر وهو أن الحرية الإعلامية المتاحة التي تم استغلالها أبشع استغلال وبمفهوم خاطئ لمداها ومعناها لا بد أن يتوازى معها تشريع يحمي حقوق من تمت إهانتهم والإساءة إليهم في شرفهم وكرامتهم فالهلال وجماهيره تعرضوا للقدح ونعتوا بأبشع الكلمات بسب هزيمة مباراة في كرة القدم وبكلمات لا تقبل في أي بيئة محافظة أو غير محافظه بل إن المجتمعات المنحلة أخلاقيا لا تقبل مثل هذه التفاهات وهناك قانون وتشريع يحفظ حقوق المساء إليه سواء بالسجن أو الغرامة أو الإيقاف مهما كانت وضعيته ومكانته حتى لو كان الخطأ شخصياً ومحصوراً فما بالك إذ كانت الإساءة مجاهراً بها وموجهة إلى السواد الأعظم من شعب لا ذنب له سوى عشقه لزرقة السماء الصافية وفنون الكرة الراقية.