يوم الاثنين الموافق 4-2-1434هـ احتسبت الأمة الإسلامية معالي الشيخ محمد بن عبدالله السبيل عند مولاها سبحانه وتعالى مسلمة بقضائه راضية بقدره، وعزاؤها جميل ما قدم للإسلام والمسلمين.
وبوفاة الشيخ السبيل -رحمه الله- تكون قد طويت صفحة من صفحات رموز الأمة الإسلامية حيث لا يجهل احد سيرة الشيخ السبيل المشرقة في مجال الدعوة والفقه والفتوى والإدارة والتربية والأدب, تاريخ يمتد لأكثر من نصف قرن كان خلاله الإداري المحنك والإمام الرزين والمفتي الرصين والتربوي الرحيم والأديب البليغ، لن أتحدث هنا عن سيرة علم قل من يجهله ولكن بحكم حملي لشهادة أكاديمية من نواة التعليم العالي في بلادنا الغالية فقد تذكرت ما كان يعانيه بعض الباحثين من قلة الحيلة في الحصول على مواضيع تصلح كرسالة علمية تتوج بشهادة أكاديمية، ورأيت البعض يعمد إلى رموز الأمة الإسلامية في الفقه والأدب والتربية فيغوص في تراثهم الفكري ويفاجأ أنه يقتنص فوائد علمية وفرائد فقهية ونكت تربوية ومواقف تاريخية صيد من اللآلئ تنشأ منها مسائل وتكون في مجموعها فصولاً فتستوي أبواباً لرسالة أكاديمية. تاريخ الشيخ السبيل خلال ثلثي قرن كان مليء بالمطالعات للكتب واقتنائها وتدوينها والالتقاء بعامة المجتمع وخاصتهم منهم المستفتي ومنهم المستنصح ومنهم المستشير ورحلات دعوية لعدد من دول العالم حمل في بعضها رسائل دبلوماسية وخطب منبرية من أقدس البقاع تطرق في بعض مواضيعها لأوضاع محلية ملحة وشؤون دولية حرجة مع إطلالة مميزة في برنامج الفتاوى الإذاعي (نور على الدرب) ناهيك عن قريحة شعرية جياشة جادت بأروع المرثيات وحكمته في التعامل مع حادثة جهيمان وبراعته في التحاور مع الشباب ودحض ما وقع لهم من إشكالات كفتنة حرب الخليج وإيقاف بعض الدعاة وافتراءات ابن لادن على سياسة بلاد الحرمين, ولم يكن الشيخ فقيها تقليدياً بل كان معايشاً واقع أمته، ويشهد لذلك كتابه حكم التجنس بجنسية دولة غير إسلامية، ومما أذكره أيام دراستي في كلية الشريعة بجامعة أم القرى ما مثل به شيخي. أ.د. فرج زهران في مادة قضايا فقهية معاصرة عن منع المباح لدخول شيء عليه بتوقف الشيخ السبيل مع آخرين في إجازة أطفال الأنابيب أبان عضويته للمجمع الفقهي برابطة العالم الإسلامي معللاً بفساد الذمم وعدم الوثوق بالاحتياطات الطبية.
الشيخ محمد بن عبدالله السبيل وتراثه الفكري, موضوع علمي أطرحه عبر هذا المقال للباحث الأكاديمي الذي سيحصد مسائل خصبة منها على سبيل المثال لا الحصر.
- كيف يقرر الشيخ عقيدته السلفية.
- منهجه في التأليف.
- أسلوبه في كتابة الخطب.
- مدى تقيده بالمذهب الحنبلي السائد في المملكة.
- معتمده من كتب التفسير.
- استدلاله بالأحاديث من غير الصحيحين واستناده على شروحها.
- تعليله لفتاواه.
- مناسبة بعض خطبه وفتاواه وكتبه ككتاب حكم الاستعانة بغير المسلمين في الجهاد.
- ومدى اعتماده لونا معينا في شعره وما يحويه من شواهد.
- تعليقات طلابه على المتون التي درسها والتي قد يمثل بعضها حاشية قيمة للمتن.
إلى غيرها من المسائل التي تعتمد على همة الباحث ودقة ملاحظته.
وآخر المقال: أتمنى أن يكون لجامعتي جامعة أم القرى سبق تسمية إحدى قاعاتها باسم صاحب المعالي فضيلة الشيخ. محمد بن عبدالله السبيل تغمده الله برحمته.
Dr_almarshad@hotmail.comوكيل دائرة التحقيق والادعاء العام بمحافظة ثادق