وجدت وكالات الأنباء الخليجية والعربية أنها أمام تحدي البقاء، بعد أن تحول المواطن العربي إلى مراسل أخبار متنقل يعمل (عند نفسه). أصبحت أجهزة الهاتف وشبكة الانترنت وسيلة مجانية لمستخدميها تقدم جميع خدماتها شبه مجاني، وبذلك انكسرت القاعدة القديمة التي تعمل بها وكالات الأنباء كونها المصدر الرسمي والوحيد للأخبار الرسمية والشعبية.
بعد الربيع العربي والتطور التقني كل شيء من حول وكالات الأنباء العربية قد تغير... لتصبح عبئاً مالياً وكلفة على الدولة في المصاريف المالية والوظائف.. ولكن في ظل هذه الصورة السوداوية أمام مستقبل وكالات الأنباء قد تولد الآمال من الرماد، متى قررت وكالات الأنباء الانتقال من الأداء الرتيب والرسمي إلى فكر إعلامي جديد وتجاري، ربما لا تجدها في النظريات الإعلامية والمنهجيات الأكاديمية، لأنه يتطلب أن تنتقل وكالات الأنباء من مرسل للأخبار إلى صانع ومسوق وبائع للأخبار والمساحات الإعلانية، وبالتالي التحرر من الأطر القديمة في أدائها الرسمي إلى مشروع تجاري يبيع الخدمة.
كما أن المؤسسات الصحفية الحالية عليها أن تغير أداءها المهني من مؤسسات إعلامية يقوم عملها على مطبوعة ورقية واحدة إلى مؤسسة تقدم حزمة من المطبوعات الورقية والالكترونية والتسويق الإعلامي والتغطيات الخاصة والتوثيق وبيع الأخبار والصور والمساحات الإعلانية وإنشاء محطات فضائية للأعمال الفيلمية والمرئية, والشراكة مع أجهزة الدولة والشركات الكبرى لتقديم خدمة الإعلام والرأي.
هذا ما تحتاجه الدول والشركات الكبرى والمؤسسات العملاقة من أجل ضخ موادها في قنوات التواصل الاجتماعي بطريقة احترافية ومهنية عالية لجذب المستهلكين وتوجيه الرأي العام، وبناء الصورة الذهنية للمنشآت ودعم البرامج والتوجهات بدلا من ترك قنوات التواصل الاجتماعي للآراء السلبية والمضللة, والطروحات غير الناضجة, والأفكار المنحرفة والسلوك الشيطاني.
أصبح الآن الخبر ومصادره - القاعدة الإعلامية - جهاز جوال في متناول الجميع، وهو المؤثر على الرأي العام، رغم أن أخباره غير دقيقة, وغير منقحة, وممتلئة بالأخطاء وربما الأكاذيب ولكنه المصدر الحاضر والجاهز قبل أن تصل إلى القنوات الرسمية التلفزيون والإذاعة، وتبدأ في المقارنة والفرز في صحة المعلومة.
الذي يبادر من الآن في تحويل المنشاة الإعلامية الصحفية إلى مؤسسة إنتاجية قناة فيلمية وإعلانية مرئية وصوتية وإلى وكالة أنباء تعمل على بيع الأخبار والمعلومات وصناعة التقارير والعرض التلفزيوني - الذي يبادر- سيكون سباقا إلى مستقبل جديد مربح فرضه التطور التقني والربيع العربي ويكسب الساحة والجمهور.