سأتجاوز ما استطعت سلبيات موقع التواصل الاجتماعي “تويتر” لسبب واحد مرتبط بالتقنية والمستخدم في آن معاً، إذ لا تُوجد تقنية جديدة أو قديمة نسبياً لا يُرافق ظهورها وتطبيقاتها سلبيات تعود في غالبها للمستخدم وفكره وسلوكه، والهدف الذي أنشأ الحساب من أجله، وهي سلبيات تعوّدنا عليها في مجتمع يعاني من هبوط حاد في مستوى الوعي لدى بعض أفراده، وأذكر أن هذه السلبيات قد طفت على السطح من أيام التلفون الثابت، وكيف أن بعض البيوت كانت تعاني من إزعاج المعاكسين، وانتقلت هذه السلبية المرتبطة بعقلية المستخدم إلى الهاتف الجوال عند ظهوره وإلى كافة تطبيقاته، وعجّ فضاء الفيس بوك بالسلبيات التي لا تُعد ولا تُحصى قبل أن يفرض التويتر نفسه كموقع متميز للتواصل رغم السلبيات الواضحة والتي ترتبط مباشرة بعقليات بعض المستخدمين، لكن التويتر وفّر مناخاً من الحرية وهو مناخ رائع متى ما أحسن التعامل مع مميزاته دون أن تُخصص منصاته لتسفيه الآخرين وإطلاق الشتائم عليهم، ودون أن يستغل في ترويج الشائعات ونشر الصور الفاضحة.
بتويتر استغنى المشترك عن كثير من المواقع الإلكترونية حيث سرعة الخبر وانتقال الصورة، والتعرف من قرب على المشاهير وأخبارهم ووجهات نظرهم، إضافة إلى ما يوفره للمستخدم من إمكانات كي يتواصل بسهولة مع بقية المستخدمين ويثري ما لديه من جوانب ثقافية وصحية وسياسية واقتصادية واجتماعية، وبتويتر يستطيع أي مستخدم إن هو أراد قضاء وقت مفيد وماتع وكأنه في مكتبة عامرة بالنفائس بعد أن يبتعد عن محاولات التشبث بالأفكار غير الإيجابية فلا يكون همَّه فقط زيادة عدد التابعين إذ سيكون في هذه الحالة مسكوناً بالكم دون التركيز على الكيف، والكيف يتحقق في تويتر بنوعية التابعين والمتبوعين الراقية، فقد يصل العدد لديك إلى عشرات الآلاف لكن الفائدة منهم ضعيفة بقلة تفاعلهم أو ضعف ما لديهم، والعدد النوعي قد يضيف لك الكثير من الإثراء ويزوّدك بردود الفعل السريعة والمباشرة، حيث لا تخضع الردود للفلترة والمراجعة، وإنما بإمكانك أنت مسح ما لا يروق لك، فأنت في تويتر هيئة تحرير كاملة، إذ تُمارس دور الكاتب والمصوّر والمراقب والمخرج والقارئ.
أكبر مشكلة تُواجه التويتريين كيفية إيصال فكرته بسهولة ووضوح للآخرين وبمائة وأربعين حرفاً فقط ونحن الذين تعودنا على الإسهاب والاستطراد واقتحام الجموع للكلام حتى ولو لم يكن لدينا فكرة محددة، المهم نتكلم ونتصدر ونحاول أن نخطف النجومية بالكلام المنمق والأسلوب الساحر الخالي تماماً من أي فكرة مفيدة.
حضرت مؤتمرات وندوات ومحاضرات واجتماعات وورش عمل، فوجدت المداخلين أصنافاً، قليل منهم من يحدد فكرته أو سؤاله قبل الطرح، ثم يلتزم بالوقت الذي يؤكد مدير الجلسة عليه باستمرار، ويردد من على منصته العالية: يا إخوان لو سمحتم دقيقة واحدة فقط، إلا أن الأكثرية لا يكترثون بهذا الوقت، فيأتي أحدهم ليلتقط المايك، ويُمضي خمس دقائق في السلام ونقل التحيات والدخول في أكثر من موضوع، دون فائدة ظاهرة, والبعض لا تعمل قريحته ويصل لطرح فكرة مجدية إلا بعد أن يضيّع عشر دقائق، إذا وجدت في تويتر من طرح فكرة واحدة في أكثر من تغريدة، فأعرف أنه من هذه النوعية، فهل يتدرب هؤلاء في تويتر على الاختصار الذي لم يتعلموه في أيامهم الخوالي؟
Shlash2010@hotmail.comتويتر @abdulrahman_15