اختتمت قمة مجلس التعاون الثالثة والثلاثون، بقرارات ستُعزز المواطَنة الخليجية، وتُحصِّن مكتسبات التنمية، ولفت انتباه المراقبين الذين تابعوا اجتماعات قمة المنامة، اهتمام قادة دول الخليج وتركيزهم على تحصين مكتسبات التنمية بتفعيل بنود الدفاع المشترك، برفع مستوى التنسيق العسكري بجميع أفرع الأسلحة الجوية والبرية والبحرية والدفاع الجوي، والاتفاق على قيادة عسكرية موحَّدة مع الاستمرار في تقوية وتطوير درع الجزيرة، والتفكير جدياً في إنشاء الفيلق العسكري الخليجي، وعُززت هذه الخطوات العسكرية بإقرار الاتفاقية الأمنية المُوحدة التي درَسها وزراء الداخلية أخيراً، وأجروا عليها تعديلات لتُوافقَ المرحلة الراهنة.
ويُحسب أيضاً لقمة المنامة، تركيزها على تعزيز المواطَنة الخليجية ورَفْدها بقرارات، أضافت مكتسبات للمواطن الخليجي في مجالات الصحة والتعليم والخدمات الاجتماعية، مما يجعل المواطن الخليجي أكثر ارتباطاً بالدولة الخليجية الواحدة المرتقبة.
وهكذا فقد لامست قمة المنامة طموحات وآمال أهل الخليج العربي، بانتظار أن يتم تفعيل هذه القرارات ونقلها إلى أرض الواقع، وألا يصيبها ما أصاب ما قبلها من قرارات عانت من البطء والتّكلؤ والتأخير مما عطَّل تنفيذ السوق الخليجية المشتركة، والاتحاد الجمركي والعملة الخليجية المشتركة.
ولهذا فإن المطلوب الآن دعم هذه القرارات، وما سبقها من قرارات أصدرتها القمم السابقة، والمبادرات التي يعلنها قادة المجلس، وآخرها مبادرة خادم الحرمين الشريفين التي تدعو للانتقال من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد.
فالملاحظ، أن أهل الخليج العربي ينتظرون إصدار القرارات من القادة، وينتظرون تنفيذ القرارات دون إسهام جديّ، لا يتعدى تحبير بعض المقالات أثناء انعقاد القمم الخليجية وبعدها، ثم تصمت الأقلام حتى انعقاد القمة القادمة.
في السنين الماضية القريبة أفسحت القمة التشاورية المجال للحديث عن التعاون الخيلجي في منتصف العام، وبعدها ينتظرون حلول القمة الاعتيادية، ثم القمة التشاورية وهذا طبع يغلب على أهل الخليج العربي الذين يعتمدون على دول رعوية تمنح بلا حدود شعوبها، دون أن نلمس إسهاماً وتحركاً داعماً أو دافعاً لتحقيق إضافات تنموية وإصلاحية.
والآن، بعد أن وضعت قمة المنامة البنية الأساسية للاتحاد الخليجي، والرفع لأعضاء الهيئة لمناقشة مقترح التحول من التعاون إلى الاتحاد، فالواجب أن يتخلى أهل الخليج العربي عن سلبيتهم، ويتفاعلوا مع هذا المقترح الذي يحظى بالتأييد الشعبي، إلا أن هذا التأييد لا يظهر ولا نلمسه، لأننا اعتدنا صدور القرارات دون أن نُساهم في صنعها والمشاركة في الإعداد لها، وهذا ما يفرض ويتطلَّب تحرُّكاً واعياً من أهل الخليج العربي للتعريف بالاتحاد الخليجي المرتقب، وأن تقوم هيئات وجمعيات المجتمع المدني، كهيئات وجمعيات الصحافة في الدول الخليجية، وجمعيات الخريجين وحقوق الإنسان ومراكز الأبحاث بعقد ورش عمل تعريفية ولقاءات ومؤتمرات تُعقد في جميع العواصم والمدن الكبرى للتعريف بالاتحاد ومناقشة المكاسب التي ستتحقق لأهل الخليج العربي، وننتظر من اتحاد الصحافة الخليجية ووزارات الخارجية عبر مراكز الأبحاث والمعاهد التابعة لها، أن تُبادر إلى عقد مؤتمرات ولقاءات للحديث عن الاتحاد الخليجي ودعوة الصحفيين والكُتَّاب لتعميق ثقافتهم واهتمامهم بهذا المقترح الذي سينقل إقليم الخليج العربي إلى كيان موحد يحفظ ويحمي مكتسبات التنمية، وينقل أهل الخليج إلى مرتبة متقدمة، ويحقق آمال وطموحات جميع أهل الخليج العربي.
jaser@al-jazirah.com.sa