القاهرة - مكتب الجزيرة - طه محمد:
دعا مثقفون مصريون وعرب إلى ضرورة تنشيط الإقبال على قراءة الكتاب العربي، واستحداث الوسائل التي يمكن أن تساهم على العودة لهذه القراءة بمختلف الوسائل الدعائية.
وأكدوا في افتتاح ندوة «تاريخ الكتاب العربي ودوره الحضاري» بمكتبة الإسكندرية على أهمية إحياء الدور الذي تقوم به المكتبات العربية في هذه القراءة، والتوسع في إقامتها وفق أحدث الوسائل الحديثة.
وقال ممثل المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة «الايسيسكو» عبد الحميد الهرامة إن الحضارة العربية هي أهم حضارة اهتمت بالكتاب، «فموجودات مكتبة واحدة من المكتبات العربية مثل مكتبة الحكم المستنصر في الأندلس لا يوجد مثيلها في التميز والتنوع».
وأضاف أنه حينما أدركت أوروبا الهوة العميقة بينها وبين الشرق، اعتمدت على الأندلس وصقلية كسبيل لنقل العلوم العربية، واتخذت من المشرق معبرًا لترجمة العلوم خلال الحروب الصليبية.
ومن جانبه، قال مدير إدارة المشروعات الخاصة بالمكتبة خالد عزب إن المكتبة تهتم بتاريخ الكتاب الذي بدأ في الحفر على الحجر حتى وصل إلى الكتاب الإلكتروني، مبينًا أن المكتبة تضم مركزين لدراسة تلك المجالات؛ وهما: مركز الخطوط والنقوش والكتابات، ومركز المخطوطات.
وأكد أن المكتبة معنية بالكتاب المطبوع وتاريخ الطباعة، حيث تضم معرض مطبعة بولاق الذي يحتوي على ماكينات الطباعة القديمة الخاصة بمطبعة بولاق؛ أول مطبعة مصرية، كما أنها أصدرت ببلوغرافيا للكتاب المطبوع. وتناول مدير المكتبة الملكية (الحسنية) بالرباط أحمد شوقي بنين ملحمة الكتاب العربي، مبينًا أن رحلة الكتاب العربي تعد ملحمة استغرقت 1400 سنة، وتميزت بعدد كبير من المحطات البارزة، والعديد من العقبات.
وشدد على أن الكتاب العربي يعد ركنا من أهم الأركان التي بنيت عليها الحضارة الإنسانية، وأن النهضة العربية أحدثت تغييرا كبيرا في حياة الإنسان الأوروبي. وأكد أن كل ما أثير حول الكتاب العربي لم يتناول إلا جزء بسيط من الملحمة التي مر بها، وأنه يحتاج إلى دراسة أكاديمية جادة. وأضاف أنه يهيب بالنشء الجديد استحضار كل الحواجز والعقبات التي مر بها الكتاب العربي، ودراستها منذ بدايته وحتى طباعته.
وتحدث الأستاذ بجامعة السلطان محمد الفاتح بتركيا محمود مصري عن تنوع صيغ التأليف في الكتاب العربي. وقال إن السنة كانت أولَ شرح على أول متن في الإسلام، وهو القرآن الكريم، ثم كان التفسير بالمأثور من قبل الصحابة، وهو شرح منهم لكثير من آيات القرآن، وفي القرن الثاني ظهرت كتب شرح الغريب، ثم وضع النحاة كتبا، وبدأت تظهر شروح عليها، كما هو الحال في كتاب سيبويه، ثم سرت تلك السنّة إلى كتب الفقه، ثم إلى بقية العلوم.
من جانبه، أكد مدير معهد المخطوطات العربية فيصل الحفيان أن الكتاب العربي ما زال يعاني من فجوات تاريخية كبيرة داخلية وخارجية؛ فالداخلية الذاتية تنبع من أن معرفتنا به يشوبها القصور، أما الخارجية تنبع من أن علاقتنا بكتاب الآخر أيضًا يشوبها العديد من النواقص. وتناول الحفيان الكتاب النحوي، مبينًا أن علم النحو هو أول علم عربي متكامل نظريًا، وهو العلم الذي ارتبط بالقرآن الكريم ارتباطًا مباشرًا. وأوضح أن الفجوة في علم النحو تمتد إلى أكثر من قرن ونصف، فإن كتاب سيبويه هو أول كتاب وصل إلينا لكن ليس أول كتاب وجد في تراثنا عن النحو العربي. وأكد أن النحو العربي مجهول قبل سيبويه، وأن رقعة الإمام علي تعد أول كتاب في النحو العربي.