ليست كل الحقائق فيما يقال حقائق..
حتى الحقيقة تلبس أثواباً.. وأثواباً..
أما الحقيقة ذاتها فهي وليدة الصدق، والصدق قوام الأخلاق، وأس الأمانة..
لذا كانت الصفة الموسوم بها نبي الهدى, صلى الله عليه وسلم، هي الصادق الأمين..
و»ثاني اثنين إذ هما في الغار..» الصديق أبو بكر رضي الله عنه..
ولا يزال المرء «يكذب حتى يكون في الدرك الأسفل من النار»...
عظيم أمر الصدق لأنه باب الحقيقة في كل أمر من شأنه قوام الحياة، وسلام الأحياء،.. والوفاء لفضل الله تعالى بالخلق.., والحياةِ.., وتمكين البشر من العمل، والبناء.. والعبادة،.. والشكر..
وعلى منصة الجدل الآن، موضوع الشهادات المزيفة.., فما حقيقة الأمر عند معيار الصدق، والأمانة, بدءاً بالجامعات ذاتها، وقوامها من القوانين، والمعايير، والمنهج، والمختصين، والبحث..., ومن ثم نتاجها من الأوراق المزخرفة بالتواقيع، والأختام..؟
كيف تنشأ جامعات، وتدرس، وتمنح درجات علمية في دول متقدمة علمياً، وبحثياً في الأساس..؟ دون رقابة الأمانة, وحقيقة الصدق.., ومتابعة المسؤولية..؟
ليس هذا ما يهمني الحديث فيه، فقد قتله القوم تشريحاً،.. فوراء الأمر حقيقة ليست للعيان.., شأنها شأن حقائق لا حصر لها في واقع كل من يخفي حقيقة وراء نجاحه، وتفوقه، وشهرته، وتميزه, ودرجاته، وماله، ووظيفته، وسلطته،.. وليس من يصدقه غير نفسه، وليس من يسأله عن الأمانة فيها غير ربه..!!
فهل كل ذي وجاهة يستحقها صدقاً؟!!,.. وتمثل حقائقه في الجزئيات منها قبل الكليات..؟ وفي الكليات فيها قبل الجزئيات..؟
إنه عبث البشر بالحقائق،.. عبثٌ مريعٌ ومتنامٍ.. لتراخي الأخلاق، وإن اعتمر الكثيرُون لبوسها، وأطواقها..
فما دام المرء صادقاً مع نفسه.., مستحقاً للنجاة بأمانته من سؤال ربِّه.. فلا خوف على الحقيقة..
لكن والأمر على ما هو عليه واقع أغلب البشر في جملتهم..
فالصادقون وحدهم سجناء الأخلاق.. المتوحدون بفضائلها..!!
أما الطلقاء بحقائقهم المستترة في صدورهم، فوحدهم الذين لا يصدقون حقيقتهم، وهم يعلمونها في نفوسهم.., والله تعالى عنده المنتهى..!
عنوان المراسلة: الرياض 11683 **** ص.ب 93855