بينما كانت العاصمة أبوظبي تشهد افتتاح مركز “هداية” لمكافحة التطرف العنيف بمشاركة وفود دولية وعربية، حدثت في الطرف الآخر من العالم فاجعة محزنة، شاب أمريكي بدأ بقتل والدته في البيت العائلي ثم يتوجَّه إلى المدرسة حيث تشتغل ليرتكب مجزرةً ضد أطفال المدرسة وبعض طاقمها التعليمي مستخدماً زياً عسكرياً!.
حاكت الصحف أقاويل عدة حيال المجزرة وعدد الضحايا، فاتضحت أنها ليست مستغربة على المجتمع الأمريكي وهو يتهاون في مسألة حيازة الأسلحة بالإضافة إلى ثقافة العنف التي تؤسس لها السينما الأمريكية.
يقول البروفسور في الجامعة الأمريكية إيميليو فيانو: في فيرجينيا حيث أعيش إذا أردت شراء جعة عليك أن تقدم بطاقة الهوية لتثبت أنك في الحادية والعشرين. أما إذا أردت شراء أسلحة كتلك التي استعملت في هذه الجريمة فيمكنك أن تفعل ذلك من دون الاستظهار ببطاقة الهوية ولو لم تكن في الحادية والعشرين من العمر.
وعندما يفكر المواطن الأمريكي العادي في هذا التناقض في القانون يعتبره ضربا من الجنون.
لدى البروفيسور عذره فيما ذهب إليه والاستطلاعات أشارت إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية شهدت مقتل حوالي 10 آلاف شخص بأسلحة نارية خلال العام الجاري.
حول منفذ عملية مجزرة ساندي هوك اختلفت الأقاويل والمعلومات في شخصيته بين كونه شخصا منعزلا خجولا وذكيا وشخصا مضطربا عقليا وأحيانا غريب الأطوار، متوترا كل الوقت وينزعج إذا نظر أحد إليه.
كان يعيش مع والدته في ظروف يلفها الغموض وتكتنفها التساؤلات.
لكنها شخصيته المضطربة لن تسقط عن الولايات الأمريكية مسؤوليتها تجاه المجزرة جراء عوامل على رأسها شيوع ثقافة التطرف والعنف، عبر الفن بأنواعه وخاصة السينما، بل سيطرة هذه الثقافة على النتاج الثقافي الأميركي بصورة واضحة، ناهيك عن التراكم المعقد لقوانين حيازة السلاح في أغلب الولايات الأميركية، حيث أفادت إحصائيات بوجود قرابة 200 مليون قطعة سلاح فردي لدى سكان البلاد، وهو رقم مرعب بكل معنى الكلمة. منفذ الجريمة لم يترك رسالة تسهّل علمية التحقيق، لكن السلطات الأمريكية عثرت على وثائق ستفيد لاحقا في التحقيق! لكنها لن تكون الإفادة المنقذة من جرائم السلاح في أمريكا ما استمر التهاون في أمر حيازة السلاح فهي الدولة الأولى في تصدير السلاح في العالم، وفي تصدير العنف والجريمة من خلال السينما الأمريكية، بالإضافة إلى إحساس المواطن الأمريكي نفسه بأن مشاهد العنف تحيط به من كل مكان, فالقوات الأمريكية تخوض أو خاضت منذ منتصف تسعينيات القرن الماضي حروبا في البلقان وأفغانستان والعراق, وربما تكون هناك حرب أخرى في إيران, وأنباء المعارك والقتلى والحشود العسكرية والتجهيزات القتالية وصور نعوش قتلى الجنود الأمريكيين في هذه الحروب التي تصل إلى المطارات العسكرية الأمريكية, هي من المشاهد اليومية التي تحاصر المواطن الأمريكي على شاشات التليفزيون كل يوم, وحتى إذا أراد أن يرتاح من عناء يوم طويل مليء بالضغوط, فإنه غالبا ما يجد العنف والقتل والدماء في أفلام هوليوود!.
bela.tardd@gmail.com -- -- p.o.Box: 10919 - dammam31443Twitter: @HudALMoajil