عندما يكثر المتخاذلون حولك.. ويصبح الحظ مائلاً بكفّته للمتلاعبين.. ولا تميّز الوجوه الحقيقية من الأقنعة.. وتشعر بعدوى اللا مبالاة تنتشر بين البشر.. عليك أولاً أن تنجو بنفسك ومبادئك وتبقى صادقاً ومن ثم تقوم بما تظن أنه الأفضل.. ولو كنت وسط أكوام الخونة وبائعي الذمم.
لأنك لست للبيع.. وليس لك ثمن يمكن تقديره.. ووجودك على ذات المبدأ يقلقهم وإن لم تعلن الحرب عليهم.. والذين يغلب عليهم سلوك التبعيّة.. يرهقهم المتميّزون.. والصامدون.. كأنّ وجودهم يذكِّرهم دائمًا بعجزهم وخيانتهم.. لذا يبحثون عن سلوك جماعي يعتنقونه.. لأنّ المشاركة في الإثم والخسّة.. تمنح المتشاركين شيئاً من طمأنينة الضمير وصوتاً خفياً يتردّد في الأعماق (لست وحدي).. كما يحدث في ثورات الجماهير تماماً.
وفي وضع آخر أكثر تناقضاً حيث المصلحة الشخصية وكيف ينظر لها على أنها نقيصة في الحياة والعلاقات.. مع أننا لو تجرّدنا من الشعارات المضلّلة الغارقة في الإيثار والدراما سنجد الأمر واقعياً وصحياً كثيراً.. كيف ذلك؟ سأخبرك:
لأنّ ذلك يعتبر مهمة شاقة إن لم تكن مستحيلة تنتظر القاضي والمصلح والمدير والوالدين.. وكل مسئول.. لأنّ فصل الإنسان عن مصلحته الشخصية ليسعى صوب المصلحة العامة كبطل.. صعب للغاية.. لا يحله تنمية مبدأ الإيثار في كل الأحوال.. إنما أمر أكبر من ذلك.. ليرى في المصلحة العامة مصلحته الخاصة.. فالإيثار فرقعة عاطفية.. تخبو أمام وهج الذات ومستحقاتها.. فإن استطعت أن تكشف للآخر كيف يكون مستفيداً من الأمر برمّته.. فأنت تختصر مساحات من الزمن والجدل والخصام والإقناع.
إنّ التركيز على مبدأ الاستفادة أمر فطري.. يحقق غايتك من الناس ومن نفسك أياً كانت أهدافك.. ويمنحك عصا سحرية تقلب النتائج بشكل غير متوقّع.. وليس من الأنانية أن يبحث الإنسان عن مصلحته ومكسبه ويحمي حقوقه.. إنما هي النزاهة ذاتها.. والشعارات المضلّلة تفسح المجال للنصّابين كي يحصدوا الأخضر اليابس.. لأنهم يعملون على ذات المبدأ لكن بأهداف رخيصة.. كمن يبيع سمكًا في البحر.
فما المشكلة عندما توضح حاجتك الحقيقية من الطرف الآخر؟ دون أن تضطر للوصول بطرق ملتوية والتي لن تتعدّى الجرح له.. وفي حين لو كان هو أكثر انفتاحاً على حقيقة المصالح المتبادلة عندها سيضمن الجميع مبدأ الربح للطرفين.. وإن كانت العبارات قريبة من الشأن التجاري.. إلاّ أنها يمكن أن تساعد الجانب الإنساني ليجمع بين الواقعية والعاطفة.. ويلملم عثراته.
فلا يمكن لأيّ علاقة أن تنجح دون أن يعرف كل طرف ماذا يريد من الآخر.. وهل ما يريده الآخر يناسبه أم لا.. أما ولوج العلاقات بأحلام العصافير.. فهو أشبه بالمضي في طريق مظلم بمعيّة البركة وحسن الظن.. وهل يغني حسن الظن عن السؤال والتأكد؟ حتماً لا.
خارج النص: بين الطبيعي وغير الطبيعي مساحة يقدِّرها صاحب القرار.. غالباً يفسدها روّاد التصنيف.
amal.f33@hotmail.com