* هناك من يمر ويعبر الذاكرة وهناك من يستقر فيها.. والخمسينيون مثلي لا بد أنهم يتذكرون بداية صعود نجم تميز باختلافه في قيافته وطبقة صوته وأسلوب غنائه وكلمات أغانيه.. فطربت له الأسماع ونافس نجوم تلك المرحلة مثل طارق عبدالحكيم وطلال مداح وتجاوز البقية إلى أن ظهر الفلتة محمد عبده فاخترق الآذان وتربع على عرش القلوب.. وانطلقت مرحلة جديدة عصرية في فن الغناء السعودي.. وكان أبو بكر أحد فرسانها الكبار.
* أبو بكر سالم بالفقيه رائد في تحويل الأغنية الوطنية من إنشادية إلى أغنية طربية يرددها الأطفال والشباب والكبار.. كما أنه من أوائل من استخدم الآلات الموسيقية العسكرية (النحاسية) في الأغاني العاطفية وأداء الألحان التطريبية.. ولو رجعنا بذاكرتنا إلى تاريخ الغناء الوطني السعودي فسنجد أنها تحتفظ بثلاث أغان وطنية حسب ترتيبها التاريخي:
(يا بلادي واصلي) لأبي بكر سالم بالفقيه.. والثانية (بلادي) لسراج عمر.. والثالثة (فوق هام السحب) لمحمد عبده.
* أبو بكر هو أحد الذين أحدثوا أثراً وأضافوا جديداً إلى الفن السعودي تقدموا به أميالاً عديدة إلى الأمام في مرحلة نُظر فيها إلى الفن عموماً والغناء خصوصاً كتهمة لا إبداع.. وإذا كنا اليوم وبعد أكثر من أربعين عاماً ما زال الفن في المنظور العام في موقع التنفير.. فهذا يعطيك فكرة عن مقدار العمل وأهمية الإنجاز الذي اضطلع به جيل الرواد.. من هنا فإن الدور الذي لعبه أشخاص مثل طارق عبدالحكيم وطلال مداح (رحمهما الله) وأبو بكر سالم ومحمد عبده (أمد الله في عمريهما) هو دور تجديدي في ذلك الزمان وقفزة كبيرة إلى الأمام.. وهو الإنجاز الذي لم يحققه أو يصل إلى مستواه أي فنان سعودي منذ ذلك التاريخ.. فلم يُحدث أحد نقلة في مجال الفن الغنائي مثل ما أحدثه هؤلاء الأربعة بتلك السعة وذلك الارتفاع مع الاحترام والتقدير الكاملين للجميع.
* أبو بكر سالم بالفقيه بريادته وإنجازاته في حياته يعد قامة وطنية سوف يحتفظ بها التاريخ الوطني.. وأن يكون نجم أهم حدث وطني ثقافي وهو مهرجان الجنادرية للتراث والثقافة فهذا تكريم ووفاء.. وهو ما نأمل أن يتحقق في جنادرية (28).
