قالت لجنة الموارد البشرية بمجلس الشورى الموقر أنها بصدد وضع آلية للتفاهم مع وزارة العمل حول قرار رفع الرسوم على العمالة الوافدة بمقدار 2400 ريال سنوياً وأن اللجنة ترى بأن الضرر سيقع على المواطن برفع أسعار السلع والخدمات وترى اللجنة أن تطبيق القرار يجب أن يأخذ بعين الاعتبار بعض المهن وأحجام المنشآت، ومن المهم أن نسمع رأياً من لجنة متخصصة بمجلس الشورى لكن كنا نتمنى أن يكون مبنيا على دراسة مستفيضة بمدى ارتفاع التكاليف على المنشآت جراء هذا القرار وكم نسبته وتأثيره على المستهلك النهائي فالزيادة بالرسم تبلغ 6،57 ريال يومياً على كل وافد في حال كانت نسبة الموظفين السعوديين أقل من خمسين بالمئة وعند إقرارها على أي منشأة لا تملك هذه النسبة فالرسوم تقع على الفارق مابين عدد السعوديين لديها مع الوافدين أي لن يتم دفع الرسوم عن كل العمالة الوافدة لديها من المجموع الكلي لموظفيها ثم أن الرسوم ستذهب لتغذية صندوق الموارد البشرية الذي سينفق الأموال على برنامج حافز والتدريب ودعم توظيف السعوديين أي سيعود للمنشآت في جزء كبير منه وبعشرة أضعاف الرسم على الأقل حسب نوع النطاق الذي تندرج تحته المنشأة
وبعيداً عن تفصيلات القرار وأسبابه وتأثيراته فإن حديث لجنة الموارد البشرية لم يطالب وزارة التجارة والأمانات بمراقبة وضبط الأسعار فمن قام برفع الأسعار بثلاثين وأربعين بالمئة تجاوز تأثيرات الرسم بنسبة كبيرة جداً وبذلك يعد قراراً من المنشآت ارتجالياً وانتهازياً لأن الحسابات العملية توضح بأن نسب ارتفاع التكلفة أقل من واحد بالمئة أي أن المنشآت بإمكانها استيعابه بسهولة فمن المعروف بعالم الأسواق ليس كل ارتفاع يجب تحميله على المستهلك حتى تحافظ على علاقتك معه
لكن لو عدنا قليلاً للوراء وراقبنا كيف ارتفعت الأسعار للسلع والخدمات خلال السنوات الخمس الماضية نجد أن جلها لم تكن بمستوى مسببات ارتفاعها فعلى سبيل المثال ارتفعت أسعار الملابس القطنية بنسبة قاربت 25% قبل عامين تقريباً بسب ارتفاع أسعار القطن عالمياً إلا أن أسعار القطن تراجعت لمستوياتها القديمة تقريبا ولم تتراجع أسعارها بالسوق المحلي وهذا الأمر يندرج على الكثير من السلع خصوصاً بمواد البناء التي شهد الكثير منها تراجعا بالأسعار بينما بقيت مرتفعة لدينا قياساً بأسعارها عالمياً
ومن هذه النقطة نجد أن عملية رفع الأسعار لها أسباب ودوافع أخرى تحتاج للمعالجة منها النظر بمدى صحية المنافسة المفتوحة بالسوق المحلي وأسلوب الرقابة المتبع ومستوى العقوبات التي تقر على المخالفين للأسعار وهيكلية القطاعات خصوصا التجزئة وتأثير العمالة المتستر عليها بذلك كما أن الدخول بتفصيلات واقع سوق العمل ومايعتريه من خلل مبني على أسس وقواعد منذ عقود أيضا تحتاج من اللجنة الموقرة كثير من البحث والدراسة فبقاء قرابة نصف مليون عاطل عن العمل له ضرر اقتصادي واجتماعي هائل وصلت آثاره خلال آخر ثمان لتراجع نسبة الخصوبة لدى السعوديين بسبب تأخر سن الزواج لأسباب اقتصادية بمقدمتها البطالة التي تفوق خسائرها عشرات الأضعاف حجم الرسوم التي سيتم تحصيلها بخلاف دخول أكثر من مئة ألف مواطن ومواطنة سوق العمل سنوياً، فالبحث عن آلية من قبل اللجنة يقتضي التفكير بالمساعدة أكثر على حل مشكلة البطالة وهيكلة سوق العمل والقضاء على التستر والسعودة الوهمية فإذا أخذنا بعين أن الشباب العاطلين تم توظيفهم واعتبرنا متوسط رواتبهم سيكون عند 5600 ريال شهرياً بحسب إحصاءات مؤسسات التأمينات الاجتماعية فإن ذلك يعني حصولهم على 33،6 مليار ريال سنوياً سيضخوها بالاقتصاد مما ينعكس على كل القطاعات والأنشطة بالإيجاب ويساعد على التوسع بالاستثمار وإذا ما كان توظيفهم بطريقة الإحلال فإن ذلك يعني تقليصا كبيراً بحجم الحوالات التي تذهب للخارج من الوافدين.
كما أن البحث بالمشكلة الاقتصادية لسوق العمل يقفز إلى تكاليف التنمية، والتوسع بالخدمات فالحكومة تقدم دعماً متعدداً وواسعاً لتكاليف الطاقة والمياه يقارب مئة وثلاثين مليار ريال سنوياً جله يصنف كاستهلاك سلبي تستفيد منه عمالة وافدة متستر عليها بحجم كبير خلاف الدعم بالإعفاءات الجمركية وغيرها من أوجه الدعم للسلع الغذائية وعدم وجود ضرائب مما يجعل منافسة المتستر غير عادلة مع أصحاب المنشآت الصغيرة من المواطنين الذين يشرفون على أعمالهم مما يتسبب بخسائر كبيرة لهم.
الرسوم الجديدة بولغ كثيراً بتأثيراتها ولو قامت الوزارة بتقليص أو وقف الاستقدام للعمالة وفقاً لبعض المطالب ستجد نفس الاعتراض واعتبار ذلك خطوة تحد من تلبية الطلب على تنفيذ الأعمال، فالتفاعل مع رفع الرسوم يذكرنا بتغيير نظام تداول السوق المالية، فبقدر ما كانت المطالبات عالية به إلا أنه عند تطبيقه قيل بإنه سيؤثر سلباً على التداولات، لأنه سيحد من المضاربة كون الرقابة فيه عالية، أي ستمنع التلاعب مما يعني تناقضاً بين التنظير والتطبيق وهذا ما نجده بقضية الرسوم إذ أن الكثير من المطالبات برفع رسوم العمالة صدرت من مختلف الشرائح سابقا كأحد حلول البطالة للمواطنين وعند البدء بتطبيقها قوبلت باعتراض جله ممن طالبوا بها سابقاً.