- استئنافاً للحديث السابق تحت هذا العنوان أقول إن هناك العديدَ من المؤشَّرات ترمزُ لـ(الهجمة المضادة) التي قد (يشنُّها) الموظفُ العام أحياناً تعبيراً عن عدم الرضا عما يُلصق به من تُهم وما يوصم به من أوصاف، فيعمده إلى منظومة من الحيل الشعورية واللاشعورية مقاومةً لشعوره بالغْبن أو الحيف في التعامل.
***
- وإليكم أمثلة لما سلف:
- فالحضوُر المتأخَّرُ صباحاً أو الانصرافُ المبكَّر بعد الظهر عَمْداً دون عُذْرٍ مشروعٍ مؤشَّرٌ مهم لحيل المقاومة المشار إليها.
- والعَبَثُ بالوقت المخصَّصِ للعمل بإنْفَاقِه في أغراضٍ لا صلةَ لها بفرُوض العمل ونوافلِه، بدْءاً بالزيارات المتكررة للزملاء، وما يتَخلّلُها من أحاديث خارجة عن (نص الواجب) لا تنقطع، مرُوراً بثَرثَرة الهاتف إما مع ربة البيت أو مع صديق وربما مع سمسار في سوق الأسهم، إن كان صاحبنا ممن يعبأ بالأسهم ربحاً وخسارة، وقد ينتهي به تبلد الإحساس إلى حالات من الاسترخاء قد تبلغُ أحياناً شَفَا النوم، وتلك مؤشَرات أعمّ وأهمّ!.
***
- من جانب آخر، تشترك بيئةُ الإدارةِ نفسِها أحياناً في تراجُع معَاييرِ الأداءِ لدى الموظف العام، ومن ثم التقصير، ويُلمَسُ ذلك عَبْر الآتي:
1) حَجْبُ أو تحْجِيمُ أو تسْفيهُ المبادراتِ الشخصية (المفيدة) التي قد يَطرحُها الموظفُ المجتهد لمصلحة العمل، يقابل ذلك الإصرار على الالتزام بـ (دوقما) الروتين اليومي، وعدمُ تطويرِ الإجْراءاتِ أو تذْليلها أو إلغَائِها إذا استدعت المصلحةُ ذلك، تمسكاً بما سنّه (السلف الإداري) اجتهاداً.. وتلك أمور قد تَحرِّضُ الموظفَ على التقصير وتدعوه إليه، أمام ما يعتقد أنه يواجه تهميشاً متعمداً له أو تجاهلاً.
***
2) غيابُ العَدْلِ في توزيع واجبَاتِ العمل وأعبَائِه وما قد يسْتَصْحبُ ذلك من حوافز، فهذا موظف مُحَمَّل بالأثْقَالِ باسم الثقة، يقَابلُه آخرُ،لا عِبْءَ له، ولا ثِقَةَ فيه، ورغم ذلك (يستوي) الإثنان ويتَساويان في الأجر بل وفي حوافز الثواب أحياناً.
***
وبعد:
«فإنني لا أبِّرىً أحداً.. ولا اعتَذرُ لأحدٍ، ولا أدافع عن أحد، فالموظفُ والإدارةُ شريكان في الأداء و السبب والنتيجة إيجاباً أو سلباً.. في كثير من المواقف ولا يتعارض ذلك أو يلغي السبب أو الأسباب أو النتيجة التي تحمّل الموظف وحده وزر تقصيره.
مؤكداً في الختام أن ما يطرحه هذا الحديث اجتهاداً من أفكار ورؤى واستنباطات متفرقة يستحق اهتمام المهتمين بشئون الإدارة من أكاديميين وإداريين في بلادنا بحثاً عن معادلات عملية ممكنة للحلول الناجحة، وكان الله في عون الموظف والإدارة كي يكون أحدُهما نصيراً للآخر لا خصماً.