منَّ الله على خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بلطفه وكرمه، وخرج من مدينة الملك عبدالعزيز الطبية للحرس الوطني سليماً معافى بعد أن أجرى عملية في الظهر كما هو معروف. ولهذا الرجل الإنسان محبة لدى مواطنيه يندر أن تجدها بهذا القدر؛ فهم يرون فيه القائد، والأب، والحب، والعطف، والتواضع، والصدق، والعدل بأسمى معانيه؛ اجتمعت فيه خصال يندر أن تجدها مجتمعة في عظماء الرجال بهذا الانسجام والتناغم؛ فضلاً عن أن الله منحه قُرباً من قلوب الناس، جعله يحظى بهذه المكانة الاستثنائية بين أبناء شعبه.. وهو مع حبه للبساطة والصدق والتلقائية في تعامله مع الجميع له هيبة واحترام تُشع من عينيه دون تكلّف أو تصنّع، وتلحظها في التفاتته ومبادراته وعباراته؛ فالملك عبدالله تنطبق عليه تماماً العبارة الشهيرة التي تقول: (الرجل العظيم هو ذلك الذي تهابه دون أن تخافه)؛ وليس لديَّ أدنى شك أن استقرار هذه البلاد الراسخ وأمنها المستتب، في منطقة تحيط بها القلاقل والاضطرابات من كل جانب كما عاصرنا في السنتين السابقتين، تعود للشعبية الجارفة لهذا القائد، ومكانته المتميّزة في قلوب مواطنيه؛ فقد كانت شعبيته واتفاق مواطنيه على حبه بمثابة السد المنيع الذي وقف أمام تلك العواصف الهوجاء المضطربة ومنعها من أن تدخل بلادنا؛ فكانت بلادنا في عهده بالفعل كالجزيرة الآمنة المستقرة الهادئة في بحر تتلاطم أمواجه؛ وهذا ما يؤكّده الواقع، ويشهد به الأعداء قبل الأصدقاء. وأتذكر أنْ سألني أحد الإعلاميين الأجانب بُعيد ما كان يسمى حينها بثورة (حنين) التي تداعى إليها وبشّر بها أعداؤنا، على اعتبار أن رياح القلاقل والاضطرابات لا بد وأن تدك عواصفها بلادنا كما دكت كثيراً من الدول حولنا أو هكذا كانوا يظنون؛ فلما مرَّ اليوم الموعود، ومرَّ الثاني والثالث، ولم يحصل شيء مما كانوا يتوقّعونه: سألني: ما السبب في رأيك؟.. قلت: ثوابت كثيرة، وعلى رأسها الملك عبدالله شخصياً؛ فشعبية هذا الرجل هي بكل المقاييس استثنائية، فبإمكانك أن تذهب إلى كل مناطق المملكة، من أقصى الغرب حتى سواحل الشرق، ومن الشمال إلى أقاصي جبال الجنوب وصحاريه، ستجد حبه ماثلاً أمامك أينما رحلت وحللت في أرجاء هذا الوطن؛ فنحن نختلف على أشياء كثيرة، ونتحاور، وربما نتخاصم أيضاً، ولكننا نتفق على حب هذا الرجل الإنسان بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
الملك عبدالله بالنسبة لنا نحن السعوديين ليس مجرد ملك، ورمز لوحدة وطن، ومسؤول أعلى عن شؤون البلاد، وإنما نهر يتدفق عدلاً وخيراً ورقةً وحناناً على الصغير قبل الكبير؛ لقد جعل الله له في قلوب شعبه قبولاً وجاذبية وشعوراً نحوه بالطمأنينة قلّ أن تجدها بين زعيم وشعبه.
وختاماً أقول: أيها الملك الإنسان، حمداً لله على سلامتك؛ ولا أرانا الله فيك مكروهاً، ودمت سالماً معافى؛ تَحتفلُ وتحتفي بك قلوبٌ أحببتها وعَملت لخيرها وأخلصت لها فبادلتك الحب حباً، والوفاء وفاءً: فكانت هذه العلاقة المتميِّزة الفريدة بينك وبين أبناء شعبك التي جعلت هذه البلاد تنعم بالأمن والرخاء والاستقرار؛ يقول الشاعر:
وَما أَخُصُّكَ في بُرءٍ بِتَهنِئَةٍ
إِذا سَلِمتَ فَكُلُّ الناسِ قَد سَلِموا!
إلى اللقاء..