يحظى التعليم العام الأهلي في المملكة بمزيد من الاهتمام والدعم من قبل الدولة، لذلك يأتي تطويره ودعم التوسع فيه كأحد اهتمامات مشروع تطوير التعليم. حالياً يبلغ عدد الطلاب والطالبات الملتحقين بالمدارس الخاصة حوالي 8% فقط على مستوى المملكة، مما يعني أن التعليم الحكومي لا يزال هو السائد. لكن هذه القاعدة ليست ذاتها على مستوى المدن الكبرى، ففي مدينة الرياض تحتل المدارس الخاصة ما نسبته 32% من عدد المدارس وما يعادل 29% من مجموع الفصول الدراسية و26% من عدد المعلمين والمعلمات.
أشرت أعلاه إلى أن التعليم الأهلي يحظى بالدعم وذلك من خلال نظرة على الممارسة التي تحدث على أرض الواقع، لكن على مستوى الإستراتيجية وفلسفة التعليم لا تبدو الصورة المستقبلية واضحة في هذا الشأن. هل يتم دعم التعليم الأهلي أو الخاص ليكون بديلاً للتعليم الحكومي على المدى المستقبلي أم أنه يطرح كخيار لمن أراد؟ هل تبنى فلسفة التعليم الأهلي على كونه تعليم مشابه للتعليم الحكومي مع فارق تمويله عن طريق الرسوم الدراسية التي يدفعها ولي الأمر، أم أنه تعليم مختلف كما نراه في المدارس العالمية الموجود بعضها في المملكة؟ هل سيترك الأمر لعملية السوق وبالتالي سنجد بأن التعليم الخاص منتشر في المدن الكبرى بشكل جيد كالرياض وجدة بينما يختفي أو يقدم بشكل متواضع في المناطق الصغيرة؟ هل سيقود ذلك إلى نوع من طبقية التعليم وحرمان المناطق الصغيرة من تعدد خيارات التعليم لأبنائها وبناتها؟
على مستوى الجودة يبدو أن المعايير الأكاديمية والفنية التي تحكم افتتاح مدارس خاصة ليست بذات التعقيد المتوقع، بدليل أن هناك 70% من مدارس التعليم الخاصة في مدينة الرياض توجد في مباني مستأجرة وبعضها يقل رأس ماله عن مائة ألف ريال. وفق دراسة أجرتها الغرفة التجارية بالرياض. وتلك المدارس وغيرها تقدم ذات المناهج التي تقدم في المدارس الحكومية. بمعنى آخر أن تلك المدارس لا تقدم إضافة نوعية ملحوظة للتعليم وكل ما تقدمه هو المساهمة في استيعاب مزيد من الطلاب. بل إنه من المؤسف القول بأن كثيرا من تلك المدارس تقدم تعليماً متواضعاً حتى وإن أبهرتنا ببعض الأنشطة المتواضعة كالرحلات الطلابية أو نوع الزي الذي يلبسه الطلاب، إلخ.
الملاحظ هنا أنه حتى المدارس التي تصنف بالعملاقة من حيث الحجم وارتفاع الرسوم الدراسية آخذة في التراجع في مستوياتها، بدليل أن خريجيها لم يكونوا الأفضل على مستوى اختبارات القياس أو اختبارات الرياضيات والعلوم، عطفاً على حجم الهالة الإعلامية لهم. وقد سألت أحد ملاك ومدير إحدى المدارس الكبرى بالرياض عن هذا الاتهام فأجاب بأنه يعتقد بصحة ذلك لسبب تجاري بحت، فأعداد الطلاب لديه لم تتناقص ولا يوجد أية حوافز للمتميز أو عقوبات على المقصر من المدارس الأهلية، وبالتالي فإن الحافز نحو التميز يتناقص فيصبح الهم هو الحفاظ على الربحية بأقل قدر من التكاليف. هذا أمر طبيعي في ظل غياب التصنيف للمدارس الأهلية وفي ظل ضعف المعايير الأكاديمية وفي ظل عدم اهتمام الناس بالمعلومات التي تدل على جودة المدارس كتلك المتعلقة بنتائج اختبارات القياس والرياضيات بالنسبة للمرحلة الثانوية.
التعليم العام الأهلي يحتاج نقاشا على مستوى الفلسفة والأداء والمعايير والمخرجات، ولا يمكن أن نستمر هكذا نسير الأمور بشكل عشوائي في هذا القطاع دون نقد ومراجعة وتقييم..
malkhazim@hotmail.comلمتابعة الكاتب على تويتر @alkhazimm