من المسلَّم به أنّ تطوير الكليات الجامعية يجب أن يتم بمبادرات وبجهود تنبع وتتابع من داخل الكليات نفسها، وليس بوصفة أو روشتة يحرّرها الجهاز الجامعي المركزي، ومتى ما كان الكادر الأكاديمي في الكليات غير مؤهّل وغير متحمّس أصلاً لصناعة التطوير المستهدف، فلا أمل يرجى في تطوير التعليم في الكليات مهما توفّرت للجامعة من إمكانات مادية وإمكانات بشرية. أتعجّب كثيراً عندما أرى ثلة من البيروقراطيين يلتقون في غرف مغلقة ليقرروا بأنفسهم كيف يتم تطوير الكليات الجامعية، إنهم حتماً واهمون.
ومن المسلَّم به أيضاً عدم وجود معيار لتقرير جودة التعليم الجامعي أفضل من معيار درجة التمكُّن العلمي التخصصي والمهاري للخريج الجامعي. أية محاولة لتقييم جودة تعليمنا الجامعي لا تقوم (أساساً) على هذا المعيار (قطها بحر) كما يقول إخواننا الكويتيون. للأسف أحياناً نحاكم جودة تعليمنا الجامعي في ضوء معايير شكلية لا تعطي الأولوية لكفاءة الخريج الجامعي، ونقصد بكفاءة الخريج مقدار ما يمتلكه من (معرفة) و(مهارات) و(قيم) تجعله مهيأً ومستعداً لبدء المواجهة مع تحديات ومتطلّبات مهنته،
ومن المسلَّم به أيضاً أنّ التطوير الجامعي الحقيقي يبدأ دائماً بتشخيص حقيقي لواقع الكليات الجامعية، بما في هذا الواقع من مصادر قوة ومصادر ضعف، وبنوعية ما يسود فيه من (قيم) و(ممارسات) و(نظم) و(ثقافة)، إذا لم نتمكن أولاً من معرفة تفاصيل واقع كلياتنا بقصد تحديد سماته ومعوّقات تطويره، فمن العبث الركض للاطلاع على تجارب جامعات عالمية.
أستاذ التربية بجامعة الملك سعود