* لا أدري لمن أتوجه بهذا الكلام اليوم، لكني أدري أن الحركة المرورية في كافة المدن وحتى على الطرق الطويلة؛ باتت تشكل استفزازاً للكل، والخطر منها يهدد حياة الكل، وأن ما يجري من تجاوزات ومخالفات؛ إنما هو (على عينك يا تاجر)..! على مرأى ومسمع من الكل، بمن فيهم رجال المرور أنفسهم؛ المكلفين ضبط الحركة،
وتطبيق أنظمة السير، ووقف حالات الاستهتار بهذه النظم غير المرعية عند كثير من السائقين، وخاصة المراهقين منهم.
* إذا كانت إدارات المرور ورجال المرور هم المعنيون أولاً بالسلامة المرورية، وبحماية الناس من رهق المراهقين، ومن سفه المتسفهين، فلماذا لا نراهم في المشهد اليومي مثلما كان الحال في زمن مضى..؟!
* تمر أيام عديدة، وأنا أذرع شوارع مدينتي المكتظة بالسيارات (المقربعة) في جانب كبير منها، وأخرج إلى أطراف المدينة في كافة الاتجاهات، وأتنقل بين جدة ومكة والطائف، دون أن أرى سيارة مرور واحدة، أو رجل مرور واحد، يقف في تقاطع رئيسي، أو في شارع خلفي، أو عند مدرسة كبيرة، أو في ميدان تتقاطع فيه السيارات وتتوقف الحركة، فترتفع الأبواق من كل اتجاه، ويتبادل فيه بعض السائقين الشتائم والسباب، فلم يبق إلا أن يتماسكوا بالأيدي والعياذ بالله..!
) قبل كثرة السيارات، وفي سنوات السائقين المحترمين، كان لرجال المرور حضور وقوة وهيبة.. كنا نعرف رجال المرور من ضباط وصف ضباط بأسمائهم وأشكالهم، لأنهم أمامنا صباح مساء. كانت لا تخلو منهم زاوية ولا شارع ولا نقطة للتقاطع، وكان لمنظر رجل المرور وهو يقف في مكان عام، أثر نفسي إيجابي على الكل، حتى على هواة المخالفات والمناكفات، الذين يشعرون أنهم ليسوا وحدهم في الميدان، وأنهم سوف يُساءلون ويحاسبون.. ما الذي حدث اليوم، حتى صرنا نرى أرتالاً من السيارات، ترتكب المخالفات، وتقطع الإشارات، وتعكس الحركة، وتعبر على الأرصفة، ولا نرى سيارة مرور واحدة، ولا رجل مرور واحداً..؟!
* اليوم الثلاثاء وأنا أكتب هذا المقال، كنت ومجموعة من السائقين آتين من جهة السداد في الدخول إلى شارع الستين، وعندما أخذنا الدوار في التقاطع مع طريق الشفا؛ فوجئنا برتل من السيارات التي يقودها مراهقون تعكس الطريق نحونا بشكل جنوني، فلولا لطف الله، لوقعت الواقعة مع عشرات السيارات وليس مع سيارة واحدة..!
* هل يعتقد بعض رجال المرور؛ أن نظام ساهر سوف ينوب عنهم في الردع وضبط الحركة..؟!
* هذا وهم كبير إن صح، ففي بعض تقاطعات مدينة جدة، توجد كمرات ساهر لضبط المخالفات في كثير من التقاطعات من أربع زوايا، ومع ذلك يوجد من يقطع الإشارة عمداً، ولا يبالي بفلاشات ساهر، ويوجد من يستخدم الرصيف للتجاوز والاتجاه بطريقة خاطئة، فإلى متى ونحن نعاني من هذه الظواهر السلبية التي أخذت تتسع إلى درجة مقيتة..؟
* هل أسهم نظام (حافز) في توسيع دائرة التشويه المروري إلى هذه الدرجة؛ التي لا ينكرها رجال المرور أنفسهم..؟!
* لست ضد نظام (حافز) الذي يعين العاطلين على الحياة الكريمة إلى حين فرصتهم بعمل شريف، لكني ضد تسخير هذه المعونة الكريمة من الدولة، لشراء سيارات فارهة، أو هي في الغالب (مصدمة معدمة مهدمة)، بأثمان زهيدة، ومن ثم النزول بها إلى الشوارع العامة، وممارسة سباق سيارات في (مارثون) جنوني، واتخاذ هذه السيارات للهو واللعب والعبث، دون مراعاة لحياة الآخرين وممتلكاتهم، ومنها سياراتهم بطبيعة الحال.
* من حق كل إنسان في هذا الوجود، أن يمارس حياته كما يريد.. هذه حريته الخاصة، لكنها حرية تصبح مقيدة إذا تماست مع حريات الآخرين، أو لامست نظماً عامة وعادات وتقاليد مرعية.. أما الذي نعيشه صباح مساء، فهي ظواهر خطرة، لا حل لها إلا بالعزم والحسم من قبل الجهات التي تملك سلطة فرض الأنظمة، ومن ثم تطبيقها وحمايتها. إدارات المرور معنية بمعالجة هذه الظواهر فوراً، ومسئولة عما يجري في شوارعنا وطرقنا ومدننا. لا بد أن يخرج رجال المرور من مكاتبهم إلى الشوارع والتقاطعات والميادين. يراقبون ويعاقبون ويحاسبون.
* لكي تعود الهيبة المرورية إلى الشارع العام، لا بد أن تعود دوريات المرور إلى سابق عهدها الذي عرفناه في سنوات خلت، يوم كانت المدن تقسم إلى مربعات أمنية مرورية، لكل مربع دورياته ورجالاته، ويعرف العابثون والمستهترون، أنهم لن يفلتوا من العين المرورية الساهرة، وليس عين ساهر، التي لم تفرض هيبتها بعد، ولن تفرضها أبداً؛ ما دام أن هناك أباً وأماً ومالاً يُفتدى به المخالفون لأنظمة السير.
H.salmi@al-jazirah.com.saalsalmih@ymail.com