المشهد حادث مروع لأطفال ثلاثة وللشهود حديث أروع عن مكارم أنثى فعلت ما لم يفعله كثير من مراهقينا - هداهم الله - يوم اجتمعوا بفلاشاتهم وكاميراتهم لالتقاط تفاصيل حادث كاد يكون مأساوياً في أحد شوارع الرياض لشقيقين كان أحدهما ينزف دون أن يفكر أحد منهم بإسعاف المصابين في الحادث ليس لقلة حيلة لهم وليس لعجز منهم وإنما لعدم إدراك المسؤولية الاجتماعية التي تنتظر منهم لتقوم تلك المواطنة «ندى المخضب» وأثناء عودتها من عملها بإيقاف سائقها الخاص لإسعافهما بعد الاتصال بوالدهما واستئذانه في ذلك لتكتب لهما النجاة بل الحياة على يديها - بإذن الله - وهو موقف أجزم أنه سيبقى مدى الدهر في ذاكرة الوطن الممتلئة بمواقف نسائية خالدة لا يمكن تجاهلها وهنيئاً لذاكرة ابنها «نواف» الذي كان يرافقها وعايش الحادث لحظة بلحظة لأنه قد تعلم درساً نموذجياً وليس تطبيقياً من والدته - يوم فشلت أغلب مدارسنا في غرس ثقافة العمل التطوعي الحر بدليل المتجمهرين - وهنيئاً له بهكذا أم يحق له أن يرفع رأسه افتخاراً بها وتفاخراً بفعلها.
إن ما فعلته ندى المخضب بكل عفوية يعتبر أمراً عادياً وواجباً اجتماعياً لو صدر من أحد شبابنا وواجباً وظيفياً لو جاء من رجال الإسعاف أو الهلال الأحمر لكنه يعتبر شجاعة استثنائية وموقفاً بطولياً أنثوياً - وليس رجولياً هذه المرة - عندما يأتي من أنثى وقفت بشموخها وبكامل حجابها لا بكامل زينتها أمام حشد من المتجمهرين المتطفلين الذين لم يستحيوا من الله ولا من الناس وهم يسمعون أنين المصابين ويرون نزيف دمائهم ثم لا يفعلون شيئاً، وهنا أستنكر عدم احتفاء الصحف التي تدعي المثالية بامرأة مثل ندى المخضب باستثناء جريدة الجزيرة والتي كعادتها فقد حرصت على إبراز مثل هذا الخبر والاحتفاء بهذا الموقف عبر صفحتها الأخيرة - وهي صفحة يعرف قيمتها المعلنون - في عددها ذي الرقم 14634 وتاريخ السادس من ذي الحجة لعام ألف وأربعمائة وثلاثة وثلاثين للهجرة النبوية الشريفة على صاحبها أفضل الصلاة والسلام حيث نشرت خبر تكريمها من قبل نادي المسؤولية الاجتماعية التابع لعمادة شؤون الطلاب بجامعة الملك سعود الذي بادر لتكريم تلك الفاضلة التي علمتنا أن مكارم الأخلاق ليست حصراً على الإسعاف ولا قصراً على الهلال الأحمر فحتى يوم تكريمها لم تخرج عن حيائها بل ظهرت كما يليق بامرأة مسلمة عفيفة ترى أن سعادتها في حجابها.
عارف بن حامد العضيب - عضو الجمعية السعودية للإعلام والاتصال الجوف