تدخل الجامعات السعودية هذه الأيام في أصعب مرحلة من تاريخها الأكاديمي والعمراني بعد أن أوشكت على الانتهاء من المرحلة الثانية من إنشاء المدن الجامعية... وحقيقة أن خريطة الجامعات قد تغيّرت بنقل تبعيات كليات المعلمين والمعلمات من وزارة التربية والتعليم إلى وزارة التعليم العالي عام 1428هـ. وخلال تلك الفترة 5 سنوات مازال الطريق وخريطة الدرب صعبة وربما غير واضحة وهنا دور وزارة التعليم العالي في إعادة رسم خطة طريق جديدة للجامعات السعودية...
الوزير د خالد العنقري وبتوفيق من الله ودعم من القيادة وميزانية الدولة حقق نجاحاً في إيجاد 25 جامعة سعودية، و10 جامعات أهلية، و12 مجمعاً أكاديمياً بمجموع 47 جامعة وأكثر من 60 مدينة جامعية وهذه ليست أرقاماً افتراضية، بل واقعية لأن العديد من الجامعات لديها أكثر من مدينة جامعية أو تعمل على تنفيذها...
المرحلة الصعبة والأكثر حيوية هي الأفكار التي يعمل عليها نائب الوزير د.أحمد السيف ويجري تنفيذها في إنشاء كليات للبنات عاجلة تتم خلال 10 أشهر تم توقيع عقودها في العديد من محافظات المملكة (الحالة الإسعافية) وأيضاً إعادة التأهيل وهي حاله إنقاذية لترميم وتحسين البيئة الدراسية في كليات البنات من التأثيث الجديد وإعادة تأهيل المباني الصالحة واستئجار مبانٍ جديدة وتحسين أوضاع البوفيه وصالات الطعام والمرافق والساحات. والأهم من ذلك العمل على إعادة تحديد الأولويات في بناء الكليات في المدن الجامعية الحالية، بإعطاء الأولوية لصالح بناء كليات البنات وهذا لن يتم بدون العمل الجاد والإرادة من مديري الجامعات...
أخطاء ارتكبت قبل أكثر من 30 سنة عندما جاءت فكرة إنشاء المدن الجامعية في الجامعات الأم (السبع الأولى) ولم تستيقظ الجامعات إلا على (حجم مسؤوليات) انتقال تبعية كليات البنات إلى وزارة التعليم العالي فتقاسمت الجامعات الميزانيات المالية أما التركة الثقيلة من المباني وأعداد الطلبة بقيت بلا حل حتى انكشف الواقع أن المدن الجامعية للطلاب دون الطالبات وأن كليات البنات في المناطق والمحافظات بعضها لا (يصلح) للتعليم الجامعي, وأن هناك فوارق واضحة ما بين مباني ومدن الطلاب (الفاخرة) وبين مباني الطالبات المستأجرة والمتهالكة لذا وجدت الجامعات نفسها في محك حقيقي أمام مسؤولياتها من مبانٍ بمواصفات التعليم العالي...
د أحمد السيف بصفته نائباً للوزير ومهندساً ومخططاً معمارياً وله تجربة ناجحة في تطوير ونجاح جامعة حائل كونها جامعة مناطق وناشئة فبالتأكيد أن ملف الكليات حاضراً عنده كحالة إسعافية وإنقاذية وهذا ما ينتظر منه لكن لن يتم ذلك دون تعاون الجامعات في الخروج من عنق ورحم الكليات القديمة للدخول المباشر في المدن الجامعية ومعالجة أخطاء الثلاثين سنة الماضية، وأخطاء التخطيط المتقادم حين كان المخطط لا يرى في المدن الجامعية سوى قاعات وصالات وساعات قلائل للتدريس, ولا يعلم المخطط أنها مدنًا حقيقية نابضة بالحياة اليومية واستقراراً عائلياً ورافداً فاعلاً من روافد التنمية المحلية.