1. الناس في شخصياتهم صنفان: الشخصية المتسامية والشخصية الوظيفية.. الصنف المتسامي يجعل من الإنسان مركزاً للمعاني والقيم ويدور حوله العالم.. أي أنه ينطلق من ذاته وتقديره لنفسه في كل ما يتصل بسلوكه في الحياة.. بينما الصنف الوظيفي فهو مجرد شيء يتحرك في فلك هذا العالم.. فهو من غزية إن غوت غوى وإن ترشد غزية يرشد.
2. الصنف المتسامي يريد أن يكون دائماً يداً عليا ينأى بنفسه عن الخطأ من فعل أو قول أو تفكير.. بينما يؤدي الصنف الوظيفي دوراً آلياً ميكانيكياً.. لا يرى لنفسه موقعاً مفرداً بل هو ترس صغير في عجلة كما يصف نفسه.. يدور حسبما تدور بقية التروس لا وفق ما يريد.
3. الصنف المتسامي هو متسامٍ من ذاته ومن داخله وليس لعجز أو رقابة.. وهمه أن ينقضي يومه دون أن يتجاوز على أحد وهناه أن ينام وقد مد يد المعروف لأحد.. أما الصنف الوظيفي فهو إن تَصَدَّق فميكانيكية العادة هي التي دفعته إلى ذلك.. وإن تكلم فهو صدى لصوت.. حركته في أي اتجاه منوطة بحركة المنظومة التي هو جزء منها.. أما هو فلا حول له ولا طول.
4. الصنف المتسامي يسعى إلى الشمول والثراء الداخلي.. ويتحرك في حياته وفق طموح لا ينتهي في تنمية مدارك العقل والضمير والإرادة وملكات الروح الإنسانية المتكاملة من إيمان وحب ومعرفة وفن.. أما الشخصية الوظيفية فهو يؤدي دوراً مخططاً على نحو مسبق لا يتجاوزه.. ولا يحقق ذاته إلا بحيازته إما مزيد من السلطة أو المال الذي يضمن له امتلاك الأشياء والمقتنيات.. لذلك فإنه يؤمن بمبدأ: (معك قرش تسوى قرشاً).
5. الشخصية المتسامية تولي (النية) أهمية وقدراً عالياً.. بل إن النية لديه من أعلى القيم فهو يراها مطية.. وهي التي تربط الفعل بالخير.. فبدون النية الخَيِّرة للفعل يكون الفعل نفعياً.. وهو المبدأ الذي يعرفه ويفهمه الشخصية الوظيفية.