المواطن السعودي حفظه الله ورعاه وسدد خطاه، هل هو، بمفهوم اقتصاد المجتمعات، محسوب على الفئات المنتجة أم على الفئات المستهلكة أم على الاثنتين؟ أكثر مواطني المعمورة يرون أن المواطن السعودي خصوصاً والخليجي عموما ً ينتمي إلى فصيلة الكائنات الاستهلاكية وليس إلى الفصائل المنتجة. المفترض في المواطن العالمي على وجه العموم، وخصوصا ً من يدعي أن مهمته الأولى تعمير الأرض، أن يكون منتجا ً ومستهلكا ً في نفس الوقت، ويستحسن عندما ينتهي ويغادر أن يكون قد ترك شيئاً مفيداً للذين يأتون من بعده. في حالة المعادلة الصفرية، أي تلك التي تنتهي بتعادل الناتج مع الاستهلاك يكون صاحب المعادلة في حل من لوم الآخرين، لأنه على الأقل أكل من عرق جبينه حتى لو لم يترك خلفه شيئاً للآخرين.

إذاً هناك من البشر فئات تنتمي لأصحاب المعادلات الإيجابية التي تنتج وتأكل وتترك شيئا ً لمن بعدها، وفئات المعادلات الصفرية التي تنتج وتأكل ولا تبقي شيئا ً، ولكن يبقى ذلك الصنف من فئات المعادلات السالبة التي تأكل أكثر مما تنتج، أو تأكل فقط ولا تنتج شيئاً على الإطلاق، ثم تترك الأرض من بعدها قاعا ً صفصفا ً تصفر فيها الرياح.

بدون مزاح، ما هو دور المواطن السعودي بالضبط في سلسلة الحياة التنموية؟. الحرف والمهن الإنتاجية هي تلك التي تستثمر في الأرض أو في المادة أو في العقول والمعرفة وفي كل ما يتعلق بتحسين وتيسير العيش والحياة للإنسان. كل صاحب مهنة إنتاجية يقايض منتجاته مع الآخرين لتأمين احتياجاته من المستهلكات الأخرى، وهكذا تستمر الحياة مع تتابع الأجيال. لكن ماذا عن المجتمعات التي تتم فيها كل العمليات الإنتاجية بالوكالة؟.

نبدأ بالماء الذي يصل إلى المواطن بعد سلسلة طويلة من الحفر والسحب والتنقية والمعالجة والضخ، حتى يصل عبر الأنابيب إلى البيت. المواطن السعودي، حين يرفع كأس الماء ليشرب، هل ساهم في الحفر، في السحب، في الضخ، في المعالجة أو في أي خطوة هامة من نقطة البداية حتى وصل كأس الماء إلى يديه؟. الواقع الفعلي يقول إن جل هذه الخطوات، إن لم يكن كلها تم بدون مساهمة المواطن، وإجرائيا ً بإعطاء المهمة للأجانب بالوكالة مقابل الفلوس.

تنتقل إلى الغذاء، من مزارع حائل وتبوك والجوف والقصيم إلى مفارخ الدواجن ومعامل الألبان في الشمال والجنوب والشرق والغرب. من أين أتت كل هذه الأيادي العاملة فيها وكم نسبة الأيدي العاملة السعودية منها؟. الأموال المستثمرة وطنية نعم، لكن العقول والأيادي ليست كذلك. إذا أضفنا للأموال كميات المياه المسحوبة من باطن الأرض بما يعادل استهلاك أربعمئة سنة من مياه الشرب والاستعمالات المدنية أهدرت على تجارة الأعلاف والزراعات الاستهلاكية، فعلينا أن نلطم خدودنا لهذه المعادلة الإنتاجية السالبة بالمقاييس البشرية المالية والمائية.

في مجالات البناء والتشييد والدهان والتبليط وسفلتة الشوارع وتركيب الجسور والأنفاق، إلى آخر مجالات الإعمار المدني، ما هي نسبة المساهمة الإنتاجية للمواطن السعودي، هل هي صفر أم قريب من ذلك؟.

لم يبق من مجالات الإنتاج للسعودي سوى التكاثر والإنجاب، أما في المجالات الاستهلاكية والسياحية والترويحية فللمواطن السعودي قصب السبق على مستوى العالم. إذا ً ما هو دور المواطن السعودي في عملية التنمية بالضبط.