|
الرياض - محمد السهلي:
في الوقت التي تتعرض فيه منتجات الصيرفة الإسلامية لبعض من التشكيك من الشارع الخليجي, نتفاجأ بظهور لافتة شهيرة إبان مظاهرات لندن ضد نظام الصيرفة التقليدية ( الربوية). مما لا شك فيه أن جزءاً من المجتمع البريطاني يعي أن هناك نوعا من المصداقية مع منظومة الصيرفة الإسلامية.
فهذه الصورة التي التقطها أحد الهواة و انتشرت بسرعة البرق في شبكات التواصل الاجتماعي تظهر سيدة مبتسمة أمام المقر الرئيسي لبورصة لندن وهي رافعة للافتة تقول فيها بكل بساطة:» لتكن معاملاتنا بالطريقة الإسلامية». فهي تخبر المتظاهرين الذين بحولها بأن هناك نظاما ماليا إسلاميا. وعليه فليس هناك ضرورة لاستمرار تحمل أطماع المصرفيين و كذلك السياسيين الذين لا زالوا يعانون من كيفية مواجهة الأزمات الاقتصادية التي تضرب على سبيل المثال منطقة اليورو أو الولايات المتحدة. فهذه السيدة, التي نفترض أنها غير مسلمة, تلمح بأن هناك نظاما ماليا مرتبطا بالاقتصاد الحقيقي و لا يتعاطى مع الربا. ولكن هل ستستغل المصرفية الإسلامية هذه المطالبات لتعزيز وجودها في البلدان الغربية ؟ الإجابة على هذا السؤال تبدو واضحة جدا. فقبل 4 سنوات جثمت المصرفية التقليدية على ركبتيها وذلك بفعل أزمة الائتمان العالمية. وأصاب «الشلل» المصرفيين الإسلاميين وذلك لفشلهم في استغلال تلك الفرصة.
ودائما ما تحب الصحافة البريطانية نشر بعض التقارير التي تظهر بعض المفارقات حول كيفية تفاعل بعض طبقات المجتمع هناك مع منتجات الصرافة الإسلامية. فعلى سبيل المثال, ترى إيما ديلاوي، القاطنة في جنوب لندن، أنه من الضرورة أن تعرف أن المال الموجود في حسابها الجاري لا يحدث أي ضرر.
وتقول: « ليس لدي الكثير من المال، حيث إنني في بداية حياتي المهنية، لكن ما أقوم به يجب ألا يتم استخدامه بطريقة غير أخلاقية «. .
واتخذت ديلاوي خطوة غير عادية لتطبيق معتقداتها الأخلاقية، حيث قامت بفتح حساب جار إسلامي.
لكن ما يعجب ديلاوي حقاً هي السمات الأخرى للمصارف الإسلامية.
وتقول: «لدي ضمان أن أموالي لن يتم استخدامها للاستثمار في تجارة الأسلحة أو التبغ».
طالما كانت ديلاوي مهتمة بالشرق الأوسط، حيث قضت بعض الوقت في ليبيا، ودرست العلوم السياسية في الجامعة، ولديها أصدقاء من جميع الأديان. ويؤكد رد الفعل بين أصدقاء ديلاوي وعائلتها هذا الأمر.
وتقول ديلاوي: «كانوا فعلاً مهتمين بما قمت به، وطرحوا عليّ الكثير من الأسئلة، ويمكنهم أن يروا كيف تتلاءم نماذج التمويل الأخلاقي والمصارف الإسلامية معاً في صورة وثيقة».
وتضيف: «حين ذهبت إلى الفرع الذي أضع فيه حسابي، وأخبرتهم أنني متحمسة لفتح حسابٍ جارٍ إسلامي، لم يفاجأ الموظف. وكنت أعتقد أنهم سينظرون إلي على أنني مجنونة نوعاً ما لكن ذلك لم يحصل على الإطلاق».
أما حقيقة أن حسابات المصارف الإسلامية لا تدفع فائدة، فإنها لا تشكل أي مشكلة لديلاوي.
«ومع ذلك، ربما لو كان لدي الكثير من المال لنظرت إليه بصورة مختلفة، ورغبت في الحصول على فائدة».
يرجع سبب وجود التراخيص لمزاولة الصرافة الإسلامية في بريطانيا من غيرها من البلدان الأوروبية إلى الجالية الباكستانية ذات الارتباط الوطيد بالمصرفية الإسلامية أكثر من مواطني شمال إفريقيا الذين يهيمنون على دائرة المهاجرين في فرنسا ولا حتى الأتراك الذين يشكلون الغالبية العظمى من المهاجرين في ألمانيا.