بديهي أن يكون لكل طفرة غير مقننة وغير مؤهلة ، وغير مرتبة ، تبعاتها وتداعياتها السلبية ، والكوارثية أيضاً.. وبديهي أن نهوض السلبيات وانتشارها ، إنما يكون عادة على أكتاف وعلى حساب ثوابت وقيم جوهرية يُعتبر المساس بها جريمة.. كالثوابت الدينية واللغوية والهوية المجتمعية وغيرها من القيم التي لاتقبل أن يطالها أي عبث من أي نوع تحت أي مبرر أو ذريعة .
وما طفرة ما يُسمى بالإعلام الجديد ، أو الحديث .. إلاّ واحدة من الطفرات ذات الأبعاد الأكثر خطورة على كثير من جوانب الحياة المجتمعية ، وبخاصة إذا كان من يسيّر، ويوجه دفة الأمور فيه ليسوا على قدر كاف من التأهيل ، فما بالنا إذا كانوا غير مؤهلين أصلاً ، وأنهم أقرب إلى الأمّيّة منهم إلى مجرد التفكير في أن يكون لهم مواطىء أقدام ، أومواقع متدنية في منظومة على هذا القدر والحجم من الخطورة والتأثير والأبعاد على المديين القريب والبعيد ؟!! .
وهنا أعني المواقع التي تطلق على نفسها (صحف ألكترونية ) .. وبالطبع أنا لا أعمم ، ولكنني أتحدث عن عينة منها غير مسؤولة ، وغير قائمة على أسس تتوفر فيها شروط الاضطلاع بهكذا عمل حساس يفترض أن لا يضطلع بمهمة ممارسته وتسييره وتوجيهه إلاّ من كان على درجة عالية من العلم والوعي والمسؤولية قبل شرط التخصص ؟!! .
من المعلوم أن لغتنا العربية تعاني في الآونة الأخيرة أصلاً من الوهن وتخلخل البنية بفضل تنامي أعداد الدخلاء الذين ينضوون تحت مظلتها بداعي الاسترزاق .. علاوة على تناقص المهتمين بها من التربويين والمعلمين ، وتقاعسهم عن تخريج أجيال من اللغويين إلاّ فيما ندر ، أوتخريج من يُلمّون بقدر معقول من أدواتها ولو إلماماً على أقل تقدير ؟!! .
في المنتدى الإجتماعي العام الذي أتعامل معه ، وفي شأن رياضي ، طرح أحد المشرفين موضوعاً تحت عنوان ( لاعبي الفريق الفلاني يرفضون ... ) فكتبت له على الخاص منبهاً إلى أن الصحيح هو (لاعبو) وليس (لاعبي) ، وبدلاً من أن يقوم بالتعديل والتصحيح ، بادرني بإرسال رابط الموضوع إياه والذي نقله نقلاً بكامل عنوانه وعلاّته عن أحد الدكاكين التي تسمي نفسها صحافة إلكترونية ، ظناً منه بأنه قد أفحمني ، وأنه نقل عن مصدر موثوق بالنسبة له .. محذراً إياي بعدم إرسال رسائل مماثلة مستقبلاً - الأخ واثق من نفسه أوي - لكن ماينشره عليه مادام لايفهم ولايريد أن يفهم ، وأن معلوماته وموضوعاته التي يدلقها يومياً عبر متصفحه إنما يستقيها ممن لايفهم .. ويبقى الجهل والأميّة ، وتوافق الميول ، هي العامل المشترك بين الطرفين ، فيما المتضرر هوالجيل المغلوب على أمره ؟!! .
لا أحد ينكر ما للثورة التقنية الحديثة من فوائد جمة شريطة أن تُدار بواسطة أكفاء لا بواسطة جهلة هم بحاجة إلى تأهيل شامل .. وحتى لاتتحول هذه الوسائل من نعمة إلى نقمة .. ويجب ألاّ يعني أن كون هذه الدكاكين متاحة إجرائياً ، ومتدنية التكاليف مادياً ، أن تظل هكذا تمارس فكر وثقافة الاستراحات دون رقابة ، ودون إلزامها بتوفير العنصر المتخصص لغوياً واجتماعياً ، لاسيما وأنها تستهوي شريحة عريضة من الشباب الذين هم بحاجة إلى من يرتقي بفكرهم وثقافتهم ولغتهم ؟! .
ثلاثون ريالاً ياجماهير(الزعيم) ؟!
في لقاء الأربعاء بين الهلال وهجر .. هالني منظر مدرجات ستاد الأمير فيصل بن فهد الأشبه بالخالي من التواجد الجماهيري الهلالي المعتاد والمفترض ،وعقباً هالني خبر إعلان العائد المادي للقاء الذي كان نصيب الزعيم منه ثلاثين ريالاً بالوفاء والتمام - ياله من مبلغ يسيل له اللعاب - ؟!! .
بطبيعة الحال.. العائد المادي ليس هوالهدف الأول ولا الثاني، ولا حتى العاشر حينما نضعه عنواناً للموضوع بقدر ماهو للاستدلال على التواضع الجماهيري الحاضر للمباراة ، ثم لتذكير الجماهير الهلالية بفداحة موقفها ذاك ،وكمؤشر لايبشر بالغبطة ؟! .
بحثت في كل الاتجاهات علّي أجد مبرراً واحداً لذلك العزوف الجماهيري الغريب .. فلم أجد ؟!.
فالطقس كان في غاية الاعتدال - أي جو كورة - ، والملعب داخل المدينة وليس حتى في محيطها أو أطرافها .. والفريق يسير في الاتجاه الصحيح بدليل تصدره لكل الإحصائيات ، نقاطاً ، وتهديفاً سواء ماله وماعليه ، وحتى على صعيد صدارة الهدافين .. إذن ماذا تريد جماهير الزعيم في مدينة الرياض تحديداً كي تحضر وتساند وتدعم وتستمتع ؟!! .
هل تريد أن يكون فريقها في مصاف تلك الفرق التي تصارع من أجل إثبات الوجود ، أوالبحث عن تحسين المراكز بغرض الحصول على فرصة التمثيل الخارجي لكي تحضر وتستمتع بشيء من المعاناة المريرة والطويلة لجماهير تلك الأندية ؟!! .
سبحان الله .
اللي يخاف من (الجنّي) يطلع له ؟!
سمعت المثل الشعبي (الصِرف) أعلاه يُتداول في الكثير من المجتمعات الشعبية العربية.. ومعناه أن الذي يخاف من الشيء لابد أن يقع فيه حتى لو على سبيل التخيل والتوهم .. وهذه حقيقة أثبتتها التجارب .
وما ظواهر التخوف والتهيب حد الارتعاش كلما جاء الحديث عن المسابقات الآسيوية إلاّ أحد جوانب تلك الحقيقة المرة المُجرّبة ؟! .
ولعل من أبرز الظواهر وأكثرها دلالة على التخوف والتهيب هو : ترقب إجراء مراسم القرعة لأي مسابقة آسيوية ، بالكثير من القلق الواضح للعيان ، وما ذاك إلاّ تعبيراً لا يقبل التأويل على عدم الثقة بالنفس أولاً، ثم بالقدرات وبالإمكانات ثانياً .. ومن هنا تبدأ أولى خطوات الدخول تلقائياً في نفق الانهزامية والتسليم مبكراً بحتمية عدم القدرة على المضي قدماً لمجرد التعرف على الأطراف المنافسة التي تفرضها القرعة ؟! .
هب يا أخي أن القرعة وضعتك في مجموعة سهلة - مع أنه لم يعد هناك ما يمكن اعتباره سهلاً حتى على مستوى فيتنام ومثيلاتها - وأنت أصلاً غير مؤهل، أو غير مكتمل الاستعدادات ، أو غير قادر على توفير القدر الكافي والمطلوب من العناصر المحلية والأجنبية التي (ينشدّ بها الظهر) ، ثم خدمتك الظروف بشكل أو بآخر وتجاوزت الدور الأول .. فهل سألت نفسك عن الفرق التي ستواجهها خلال مرحلة الدور الثاني .. وأنها أقوى الفرق المتأهلة عن المجموعات القوية الأخرى التي خدمتك القرعة فلم تضعك في براثنها خلال المرحلة الأولى ، ولا سيما إذا علمنا بأن مبدأ (لكل حادث حديث ) لايغير كثيراً في الكثيرمن الأمور والحالات إن لم يكن ينطوي على ترتيبات أخرى مؤكدة قادمة ، أكثر فاعلية تتناسب مع حجم ومستوى تصاعد المنافسة ؟! .
يعني وباختصار: إذا لم تكن كفؤاً لخوض غمارالمنافسات بصرف النظر عن مدى قوتها من ضعفها ..ولاتمتلك مهرها، فلا تشغل بالك بمسألة القرعة ، ولا مع من وضعتك ، أومع من ستضعك .
فاكس
إذا وضع الفريق الهلالي الأوضاع الأخيرة لمنافسه الاتحاد في لقاء اليوم في حسبانه كورقة مضمونة النتيجة لصالحه ، وخاض اللقاء معتمداً عليها، فلا أستبعد عودته إلى الرياض مثقلاً بنتيجة كبيرة .. فالاتحاد أمام الهلال غيره أمام أي فريق آخر، ومفعول الانتصارعلى الهلال يختلف عن غيره من الانتصارات سواء بالنسبة للاتحاد أوسواه من الفرق .
بيت القصيد
.. ومن يتهيب صعود الجبال
يعش أبد الدهر بين الحفر