|
الجزيرة - الرياض:
يهدف هذا الإصدار (الحكومة والشعب في السعودية.. ما لا يعرفه الآخر)، الذي أصدره مركز الفكر العالمي عن السعودية باللغتين العربية والإنجليزية إلى أربعة أهداف رئيسية، هي:
- بيان أسس العلاقة الراسخة بين الحكومة والشعب في المجتمع السعودي.
- تقديم نظرة مستقبلية للإصلاح في السعودية تساعد على الفهم السليم لما يحدث في السعودية من حراك تنموي.
- التعريف بهوية المملكة العربية السعودية الفكرية والثقافية في أوساط النخب والمثقفين ومراكز البحوث ووسائل الإعلام خارج المملكة.
- توفير المعلومة الصحيحة عن القضايا الكبرى في المجتمع السعودي، وجعلها متاحة للباحثين باللغات العالمية.
ويقع الكتاب في (324) صفحة من القطع المتوسط، ومؤلف من فصول ثلاثة، ناقش الأول (الثورات العربية.. الأسباب والبواعث)، وكتب مادته خمسة باحثين.
الثورات العربية.. الأسباب والبواعث
تناول الأستاذ بلال التليدي من (المغرب) موضوع القيم والمقاصد الإسلامية العليا، معتبراً أن إقصاءها من نظام الحكم والسياسة أحد أهم الأسباب في صناعة الربيع العربي، كما أن فقدان الشرعية السياسية ناتج بالضرورة عن تنكر السلطة السياسية للأسس المعيارية التي قامت على أساسها شرعيتها، وإخلالها بوظائف رعاية الحقوق وحماية الفقراء والضعفاء وإقامة الشورى والحكم بالعدل والحفاظ على الكرامة الإنسانية للشعوب وتحقيق العدالة الاجتماعية، كل ذلك ناتج من تغييب للمقاصد الكلية للشريعة الإسلامية، وضلوعها في الفساد أو التمكين له في دوائر الإدارة وصناع القرار السياسي هو أحد وجوه تغييب القيم الإسلامية الحاكمة والهادية للمشاركة السياسية في الإسلام. والاستئثار بالقرار والانغلاق السياسي وتهميش مكونات المجتمع وإقصاؤها من دائرة الاختيار أو المشاركة أو النصح هو أحد أوجه تغييب السياسة الرشيدة في الحكم في الإسلام.
وأكد الأستاذ إدوارد شوارز من (بريطانيا) في مقالته أن الفساد الإداري والمالـي له ثلاثة أوجه، هي: الفساد الصغير الذي يرتبط برشوة رجل المرور بشأن مخالفة مرورية، والثاني ما يتعلق بالعمولات في صور التعاقدات بين الحكومة أو موظفي الدولة وكبار قادة الأعمال التجارية، والثالث هو الفساد السياسي وهو من المشكلات التي تؤرق الدول كافة، وخصوصا الدول العربية. ويشير الكاتب إدوارد شوارز إلى أن الوعي الاجتماعي هو الذي يقود إلى الشفافية والحكم الرشيد. ويلمح إدوارد شوارز إلى أن غياب المساءلة التي تخص القادة الذين يتسنمون المناصب القيادية المسؤولة داخل هذه الدول هو من المهام الشاقة.
ويكتب الأستاذ الدكتور تشارلز سان برو من (فرنسا) عن موضوع البطــالة معدداً أسبابها. ومن هذه الأسباب - كما يقول - أن التعليم والتكوين المهني كثيراً ما يكونان غير ملائمين للاحتياجات، وأن النـزوح الريفي وتضخم المدن غير مضبوط جيداً في دول لم يكن لها صناعات أو خدمات تكفي لتشغيل النازحين إلى المدن، ومن ذلك أيضاً إنقاص الوظائف في القطاع العام الذي كثيراً ما يطالب به صندوق النقد الدولي القائم أحياناً بدور من يضرم النار لا من يطفئها، وهو إنقاص لم يعوضه القطاع الخاص الذي لم ينم إلا قليلاً جداً.
غياب الـحريات المسؤولة
ويشير الدكتور تشارلز سان برو إلى أن هذه العوامل الرئيسية انضمت لها الآثار الاجتماعية للأزمة المالية والاقتصادية العالمية، التي جاءت نتائجها السلبية لتزيد من حدة سلبية آثار العولمة. ويقول: بكل وضوح، لنكن صرحاء، ما ثار ناس إلا لأجل هذه الظروف المعيشية المتزايدة في الصعوبة، أي بسبب زيادة البطالة وغلاء الأسعار المستمر وتخلي الدولة عن القيام بواجبها. كانت ثورتهم على دول فاسدة وغاشة وعاجزة، لم تقم بواجبها لخدمة المواطن.
وأبانت الدكتورة هدى الدليجان من (السعودية) غياب الـحريات المسؤولة، وساقت مثلين لغياب الحريات، تمثلا في حرية ممارسة الشعائر التعبدية وحجاب المرأة، وقالت: المرأة في الإسلام رمز الطهر والعفاف والحياء، وهي شرف الأسرة كلها. وختمت مشاركتها بقولها: تظل أي محاولة لمنع الحرية المشروعة عن أي فرد أو شعب أو مصادرتها محاولة يائسة خاسرة بجميع المقاييس.
وأشار الدكتور مسفر بن عبد الله البشر من (السعودية) إلى التنظيمات السياسية ودورها في بدايات الثورة وإشعالها، وحدد أربعة محاور رئيسية تبرز في هذا المجال، هي: توتر العلاقة بين التنظيمات السياسية والحكومات، وبذور القابلية للثورة، وتأجيج الثورة، وتأثيرات ما بعد الثورة. وخلص الدكتور مسفر البشر إلى القول إن هذه التنظيمات والأحزاب السياسية بمنزلة الجداول التي التقت في مصب واحد، وهو التهيئة للتغيير ثم المشاركة في الثورة، وأخيراً المنافسة على حصول أكبر قدر ممكن من المكاسب السياسية في مرحلة ما بعد الثورة وسقوط الأنظمة.
طبيعة العلاقة بين الحكومة والشعب في السعودية
وتناول الفصل الثانـي من الإصدار طبيعة العلاقة بين الحكومة والشعب في السعودية؛ فتحت عنوان (الشريعة الإسلامية أساس للحكم) كتب الدكتور ياسر راضي من (ماليزيا) مؤكداً أهمية الشريعة الإسلامية باعتبارها أساساً للحكم والتحاكم. ويشير إلى اتفاق كل من كتب عن تاريخ الدولة السعودية بأن سبب قيام الدولة السعودية في مهدها الأول كان نتيجة لهذه الدعوة الإصلاحية، وأن هذه الدعوة كانت سليمة المقصد واضحة الهدف، وأن تطبيق الشريعة الإسلامية في الدولة لم يكن مجرد شعارات وهمية أو وعود فضفاضة، وأن تأسيس نظام الحكم على الشريعة الإسلامية خط أحمر، لا يمكن المساس به أو النقاش حوله أو التحاور بشأنه.
وعن التكامل بين المؤسستين (السياسية والشرعية) قالت الأستاذة الدكتورة نجاح الظهار من (السعودية): المعتقد المشترك الذي يؤمن به القائد ويؤمن به أفراد قيادته، ومنه يأخذون جميع مناهج حياتهم، وعليه ينظمون علاقاتهم فيما بينهم، وعلاقاتهم بمن يشاطرهم المعتقد ذاته، الذي ينبني على الاحترام والتسامح. وتختم رؤيتها بالتأكيد على وضوح التكامل بين الديني والسياسي؛ ما نتج منه اجتماع الكلمة ووحدة الصف وتحقيق اللحمة الوطنية.
وعن المسؤولية الـمشتركة بين الحاكم والمحكوم تناول الأستاذ الدكتور أبو بكر دكوري من (بور كينا فاسو) هذا الموضوع، وبيَّن أن المسؤولية المشتركة بين الحاكم والمحكوم في الإسلام تتمثل في التعاون على البر والتقوى، ويبدأ ذلك بالتزام الجميع بتعاليم الإسلام الحنيف، والتمسك بشريعته السمحة، موضحاً أن الإسلام لم يفرض على الناس شكلاً معيناً لنظام الحكم؛ لأن مصالح الناس تختلف باختلاف الأزمان والأحوال والأماكن، فرُبّ قانون يحقق مصلحة في مكان أو زمان ما أو لمجتمع ما ولا يحققه في زمان أو مكان آخر أو لأمة أخرى، ولكن حتى لا يقع الناس في حرج أو خطأ شرع لهم الإسلام الأحكام الأساسية والمبادئ العامة التي يقوم عليها نظام الحكم في كل زمان ومكان، وترك الفروع والتفاصيل لكل مجتمع أو أمة تتصرف فيها بما يحقق أمنها ومصلحتها.
وحول مفهوم البيعة وأثرها في المجتمع السعودي أكد الشيخ الدكتور سعود بن محمد البشر من (السعودية) أن المملكة العربية السعودية هي الدولة الوحيدة في العالم الإسلامي، التي ينص دستورها على أن المصدر الوحيد للتشريع هو كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فهما الحاكمان على النظام الأساسي للحكم، وجميع الأنظمة المعمول بها في الدولة السعودية.
مفهوم البيعة لولي الأمر (الملك)
ويمضي الشيخ البشر قائلاً: ومما نص عليه النظام الأساسي للحكم، ويُعَدّ أحد مفاهيم السياسة الشرعية الرئيسية مفهوم البيعة لولي الأمر (الملك)؛ فقد جاء في المادة السادسة منه ما نصه: (يبايع المواطنون الملك على كتاب الله تعالى وسنة رسوله، وعلى السمع والطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره). والنظام السياسي للمملكة نص على أن يبايع المواطنون الملك بيعة شرعية، توجب عليهم السمع والطاعة في غير ما يخالف الشريعة الإسلامية. ويتابع الشيخ سعود البشر: منذ أن تمت المبايعة التاريخية بين الإمام محمد بن سعود آل سعود (مؤسس الدولة السعودية الأولى) والإمام الشيخ محمد بن عبد الوهاب آل الشيخ، الذي تنسب إليه الدعوة الإصلاحية في الجزيرة العربية، كان مقتضى البيعة بين الإمامين أن تكون على نصرة الإسلام، وإعلاء كلمة التوحيد، والقضاء على الشرك والبدع، التي كانت في الجزيرة العربية، والحكم بشريعة الله. وفي عهد الملك عبد الله بن عبد العزيز تأسست هيئة البيعة؛ لتعزز مفهوم البيعة الشرعية بين الحاكم والمحكوم؛ فقد جاء في المادة الثالثة من نظامها ما يأتي: «تلتزم الهيئة بكتاب الله تعالى، وسنة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم...»؛ ولذلك كان القسم، الذي يؤديه أعضاء هيئة البيعة مقدما للدين قبل الملك والوطن. وعند وفاة الملك تقوم الهيئة بالدعوة إلى مبايعة ولي العهد ملكاً على البلاد وفقاً لنظام هيئة البيعة والنظام الأساسي للحكم، وهما نظامان مستمدان من كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم. والبيعة للملك ليست مقتصرة على أعضاء هيئة البيعة، بل هي لعموم الشعب، وعند تسمية الملك يبايعه الأمراء، والعلماء، وعامة الشعب، وقد تجلى ذلك مؤخراً في بيعة الملك عبد الله بن عبد العزيز، الذي ورث أخاه الملك فهد بن عبد العزيز؛ حيث ألقى كلمة أمام الشعب مؤكداً فيها تحكيم الدولة كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ثم جلس يستقبل جموع الشعب الذين بايعوه، كما استقبل أمراء المناطق والمواطنين، الذين بايعوا على الكتاب والسنة والحكم بشريعة الله تعالى، واستقبل سفراء الملك في دول العالم المختلفة بيعة المواطنين في خارج المملكة.
دور الدين في حالة الاستقرار السياسي
وحول تدين المجتمع السعودي، من حيث مكوناته وخصائصه، يشير الدكتور الخضر عبد الباقي من (نيجيريا) إلى أن الدين ومؤسساته المختلفة قد أدَّى دوراً محورياً في حالة الاستقرار السياسي التي تنعم بها المملكة العربية السعودية، ووفر لها الجو والبيئة الضروريَّيْن للأمن والتنمية والازدهار، كما ساعد بشكل مباشر في تعزيز قدرة النظام السياسي على التعامل بنجاح مع الأزمات التي تواجهه، وقدرته على إدارة الصراعات القائمة داخل المجتمع بشكل يستطيع من خلاله أن يحافظ عليها في دائرة تمكنه من القيام بما يلزم من تغييرات وإصلاحات والاستجابة لتوقعات الشعب وحاجات المواطنين بشكل متدرج وعلى فترات زمنية متلاحقة أو متواصلة. ويعلي الدكتور الخضر من شأن العلاقة الطيبة بين العالم والسياسي في السعودية؛ حيث يقول: عندما يقف الإنسان على الفقه السياسي وتطبيقاته لدى السعوديين يجد أنه مرتبط بل منبثق كله من الفكر الديني الإسلامي السلفي الداعم للواقع السياسي القائم، الذي يتسم بالاستقرار؛ لذا تعمل تلك المؤسسات ورجالاتها لدعمه والعمل للمحافظة عليه وتعبئة الموارد الكافية لاستيعاب الصراعات التي تبرز داخل المجتمع بالمناصحة والملاطفة وتشريع ثقافة التواصي على فعل الخير والتناهي عن المخالفات الشرعية بالطرق المقررة في إطار المنهج السلفي السني.
وعن أثر العلماء في الاستقرار السياسي تناول الأستاذ عادل المعاودة من (مملكة البحرين) أمرين مهمين، هما دور العلماء في تجسيد اللحمة الوطنية وحرص علماء المملكة العربية السعودية على استقرار الأمن، وضرورة اجتماع الكلمة ووحدة الصف على الصعيدين الداخلي والخارجي، وذلك في أكثر من موقف وحدث.
التطوير في السعودية ضمانة المستقبل
وناقش هذا الفصل الثالث والأخير، وعنوانه (التطوير في السعودية ضمانة الـمستقبل) كفايات علمية وخبرات عملت في مواقعها، وحازت تقدير وثناء كل من عُرف خبرتهم وعلمهم ورؤيتهم الجادة في الإصلاح. فعن القضاء في السعودية يقول الشيخ القاضي الدكتور هاني الجبير من (السعودية): من المعقول أن يكون القضاء السعودي متفقاً مع أحكام الإسلام، مستمداً منه، محافظاً على مبادئه, ومن هنا كان انخفاض معدلات ونسب الجرائم في المملكة العربية السعودية مع وجود الازدهار الاقتصادي واتساع رقعة البلاد جداً؛ فسبب ذلك أن استمداد النظام من الإسلام جعل المواطن متقبلاً له, حريصاً على احترامه, يستشعر الإثم عند مخالفته. ويتأكد ذلك بما تقدم من الامتداد التاريخي للدولة الإسلامية, التي كان القضاء فيها معتمداً على التشريع الإسلامي. ويمضي الدكتور الجبير قائلاً: والمطلع على المشهد القضائي في المملكة العربية السعودية يلمس سمات التطوير تتزايد منذ صدور نظام القضاء عام 2008م، وتخصيص الدولة ثمانية مليارات ريال لتطوير الجهاز القضائي، ولكن الخطوات المنفذة المشاهدة لا تزال بطيئة، إلا أنها تتزايد، وملامحها تتضح؛ ما يبشر بحصول المأمول. وعن تجربة مجلس الشورى يقول الأستاذ الدكتور سهيل قاضي من (السعودية): الممارسة الشورية في المملكة العربية السعودية نموذج متفرد إذا ما قيس بالممارسات النيابية في كثير من دول العالم؛ لأن له فهمه الخاص بطبيعة العمل الشوري ورجاله المؤهلين، كما أن له فهمه الخاص عن الحياة الديمقراطية عامة، وهي مفاهيم مستمدة بالضرورة والفعل من دستور الإسلام ومبادئه التي اختارها الله لعباده؛ فقد جاءت الرسالة الإسلامية لتنظيم حياة الناس والمجتمع في أمور الدين والدنيا معاً. وعن الإصلاح في مجال الرقابة يشير الأستاذ الدكتور عبد الرحمن الحميد من (السعودية) إلى أن الإدارة الفعالة السليمة تتكون من أربع وظائف أساسية، هي (التخطيط والتنظيم والتوجيه والرقابة)، ومن دون نظام رقابي كفء لا يستطيع متخذ القرار التحقق من أن الخطط التي رسمها والأنظمة التي سنها والتوجيهات التي قدمها يتم الالتزام بها، وأنها تحقق الأهداف المرجوة منها. كما تشهد المملكة تحولاً إيجابياً في الثقافة الرقابية لدى المجتمع المدني- حسب تعبير الدكتور الحميد - ومن دلائل ذلك ظهور بعض المبادرات غير الحكومية، التي تهدف إلى تعزيز الشفافية والنزاهة والتشجيع عليها، ومنها مبادرة«سعفة القدوة الحسنة»، التي تشجِّع على الإفصاح والشفافية والنزاهة في المملكة العربية السعودية وفق الاستراتيجية الوطنية لحماية النزاهة ومكافحة الفساد التي نصت على دور مؤسسات المجتمع المدني في حماية النزاهة ومكافحة الفساد في التوعية والتثقيف، وتحقيق ما احتوته هذه الاستراتيجية من مقاصد وأهداف وآليات.
أهم المناصب الشرعية في المجتمع
وفي مجال الفتيا كتب الأستاذ الدكتور عبد الوهاب أبو سليمان عضو هيئة كبار العلماء من (السعودية) موضحاً أن الإفتاء من أهم المناصب الشرعية في المجتمع الإسلامي؛ لما له من أهمية شرعية، واجتماعية، وله دلالته الماضية، والحاضرة، والمستقبلية وانعكاساته. ويدعو الدكتور عبد الوهاب أبو سليمان إلى إيجاد خطة عملية لتطوير الإفتاء؛ كونه أصبح خطة من خطط الدولة, ومؤسسة حكومية رسمية؛ فالواجب تطور تنظيمها. ويقترح لذلك مناصب عدة: المفتي, نائب المفتي, أمين الفتوى, وعدداً من المفتين المؤهلين فقهاً في المذاهب المختلفة, إضافة إلى المسجلين, والكتبة، وتخصيص مجلس للإفتاء يتكون من فقهاء المناطق ذوي الصفات الشرعية المعتبرة، ويعيَّن مفتو المناطق لمدة أربعة أعوام, ويمدد لفترة واحدة فقط بناء على الكفاءة الفقهية, والسمعة الدينية, والسلوك الاجتماعي؛ لينخرط في التجديد الفكري أجيال أخرى. واقتراح المفتي العام حسب الكفاءة العلمية, وإدراكه لعادات المجتمع, ومعرفته بالعادات, والتقاليد لكل منطقة, بشكل عام. ويجدد للمفتي العام وكذلك الأعضاء لفترة واحدة بناء على الكفاءة الفقهية, والسمعة الدينية, والإدراك للأمور الاجتماعية.
وفي شأن الإصلاح في المجال الاجتماعي يورد الأستاذ الدكتور علي النملة من (السعودية) أربعة محاور مهمة تتعلق بالأمور الاجتماعية، وتُعد معضلة وطنية وتنموية، وهي معالجة الفقر، والرعاية الاجتماعية، والقطاع الثالث «الخيري» والتنمية الاجتماعية، والحوار. وحول محور الفقر ومعالجته اتساقاً مع ما هو معمول به في الدول المتقدمة وضعت الدولة خطة - حسب تعبير الدكتور النملة - عمادها إنشاء الهيئات والمصالح، وضخ الموارد المالية والبشرية لها، ووضع استراتيجيات وطنية للتعامل مع تقديم الخدمات الاجتماعية بصور مدروسة، بما في ذلك وضع النظم واللوائح التنظيمية ووضع استراتيجية وطنية سنة 2003م؛ لمعالجة الفقر بأساليب غير تقليدية، بحيث تتقلص حالات الفقر إلى النصف (50 %) بحلول عام 2015م، وهو العام المستهدف دولياً لتقليص الفقر إلى النصف. ويذكر الدكتور النملة أن من وسائل تنمية المجتمع ذهنياً وفكرياً عناية الدولة بمفهوم الحوار وضرورته، فجاء التشجيع على الدخول في شتى مجالات الحوار من الداخل؛ لتحرير بعض القضايا الاجتماعية والفكرية، وتثبيت ملاءمتها مع النهج العام الذي تقوم عليه الدولة. كما تهيئ الحكومة مجالات الحوار مع الخارج، وتؤيد قيام هيئات تُعنى بهذا الجانب المهم في ركائز قيام المجتمع السعودي، بحيث يكون قادراً على سماع وجهات النظر الأخرى، التي لا تتعارض بالضرورة مع الوجهة التي يتبناها الشعب السعودي، ولا تكاد تختلف معه في الغايات، وإن اختلفت الوسائل.