|
الجزيرة - سعد العجيبان
من هيئة السوق المالية.. إلى إلزامية التأمين... ومن ترشيد استخدام الطاقة في إنارة الشوارع.. إلى درء مخاطر الكثافات البنائية والسكانية..
ومن تحديث الهيكل التنظيمي لوزارة الشؤون البلدية والقروية.. إلى تطوع عضو لإيصال توصية إنشاء دورات مياه عامة إلى سمو وزيرها.. (حفاظا) على مخرجات المجلس.. وبين رقابية وتنفيذية.. وأمام 100 مليار (معلنة) تحويلات الأجانب سنويا.. غير تحويلات الاقتصاد الخفي.. وسماح للأجانب بالاستثمار بالسوق المالية.. وإيقاف المضاربات وفردية توجيه (الأسهم).. وتعجب من مطاردة وزارة العمل (للفقراء) لتحقيق السعودة.. وتجاهل تجمعات لكبريات الشركات.. ودراسة لإيجاد حلول جذرية للشركات الخاسرة في سوق المال.
وقف مجلس الشورى أمس خلال الجلسة (70) برئاسة معالي الشيخ د. عبد الله آل الشيخ على تقرير هيئة السوق المالية ووزارة الشؤون البلدية والقروية وعلى إلزام ملاك المصانع والمنشآت السكنية وما شابهها بتوفير الغطاء التأميني.
تقرير وزارة الشؤون البلدية
وقد استمع إلى وجهة نظر لجنة الإسكان والمياه والخدمات العامة، بشأن ملحوظات الأعضاء وآرائهم تجاه التقرير السنوي لوزارة الشؤون البلدية والقروية للعام المالي 1431 - 1432 هـ، وقرر المجلس الموافقة على ضرورة أن تقوم الوزارة بتفعيل ورفع كفاءة استراتيجيات درء المخاطر المرتبطة بالكثافات البنائية والسكانية، وتطبيق مبادئ الاستدامة الشاملة بترشيد الطاقة باستخدام الطاقة الشمسية لإنارة الشوارع وإدارة النفايات بطريقة آمنة.
كما أكد مجلس الشورى على ضرورة تحديث الهيكل التنظيمي لوزارة الشؤون البلدية والقروية لمواكبة المستجدات مع دارسة إنشاء وكالتين للوزارة إحداهما للمجالس البلدية والأخرى للطرق والنقل، إضافة إلى تقويم سياسة استعمالات الأراضي للحد من الانتشار غير المدروس للمحلات التجارية الصغيرة، وورش السيارات بداخل المدن.
دورات المياه العامة
وفي شأن متصل ناقش المجلس توصية إضافية تبنتها لجنة الإسكان والمياه والخدمات العامة (مقدمة من العضو الدكتور أحمد الزيلعي) نصت على قيام الوزارة بإنشاء دورات مياه عامة للرجال وأخرى للنساء في مختلف المدن والقرى، وتزويدها بمن يقوم على نظافتها وصيانتها والمحافظة عليها صالحة للاستخدام.
التوصية التي لم يحالفها النجاح كانت محل تأييد عدد من الأعضاء بينهم الأستاذ حمد القاضي الذي أكد أهميتها مستشهدا بما يتوافر من دورات مياه في الشوارع والأحياء والمدن والقرى منظمة وتمتع بالنظافة الدائمة في دول العالم.. وقال نحن للأسف لدينا شوارع جميلة ذات أرصفة ممتازة.. لكن وجود دورات المياه من الضروريات.
وطالب القاضي بإيجاد تنسيق بين وزارة الشؤون البلدية والقروية مع وزارة الشؤون الإسلامية في شأن دورات المياه في المساجد التي تغلق بعد كل صلاة.
وقد وافقه في الرأي عضو المجلس الدكتور إبراهيم الربدي حيث أكد أهمية تلك التوصية ولاسيما أنها ستسهم في حل مشكلة ملحة يعاني منها الجميع ولا يمكن تجاهلها.
وبين د. الربدي أن الجميع عاش تجربة الحاجة لدورات المياه في كل وقت.. وتكون الحاجة أشد وأصعب في الأسواق والساحات وأماكن التجمعات.. التي إن وجد فيها دورات مياه فهي لا تلبي المطلوب.. وتكون غير منظمة، مما يحمل الناس على البحث عن دورات مياه المساجد.. التي إما أن تكون بعيدة أو مغلقة في غير أوقات الصلاة.
د. الفيفي تحاشى نص التوصية
عضو المجلس الدكتور عبد الله الفيفي تحاشى ذكر نص التوصية كما وردت من اللجنة، ورأى ألا تصدر عن المجلس توصية تتضمن مثل هذا التحديد.. بل يجب أن تكون شاملة لمرافق خدمات عامة تشتمل على أماكن للطعام ومقاهٍ ومساجد وما طالبت به تلك التوصية.
وقال د. الفيفي إن ما طالبت به هذه التوصية هو أمر مهم لكن لا ينبغي أن يكون منفردا وإنما في مركز منظم وشامل ويؤدي الغرض الذي طالبت به التوصية.. أما إفراد هذا المرفق الخاص وتوزيعه على المدن والقرى على نحو قد لا يكون منظما ولا يراعي ضرورات احتياجات الناس فهذا ما لا أتفق معه.
د. العناد متطوعاً
الدكتور عبد الرحمن العناد لم يرَ مناسبة صدور توصية وقرار من مجلس الشورى تحمل نصاً كالوارد في التوصية.. واصفا ذلك إن تم بأنه نزول إلى أمور تنفيذية بحتة.. وتحتم على المجلس مطالبة البلديات بتنظيف الشوارع وتقليم الأشجار وإنشاء دورات مياه.. وما إلى ذلك من أمور تنفيذية.
واعتبر د. العناد أن خروج توصية بهذا النص تعد إساءة إلى المجلس وغير مناسبة.. مبديا تطوعه بإيصال تلك التوصية إلى سمو وزير الشؤون البلدية والقروية.. كما اقترح أن يتم إيصال التوصية عن طريق رئيس اللجنة المهندس محمد النقادي الذي كان يعمل في الوزارة سابقا.
د. الدوسري: التوصية غير لائقة
وفي هذا الجانب علق عضو المجلس الدكتور عبد الله الدوسري بأن صدور توصية بهذا النص من مجلس الشورى أمر غير لائق.. واستدل بالمادة الـ 15 من نظام المجلس التي تنص على أن المجلس يقوم بإبداء الرأي في السياسات العامة للدولة.. متسائلاً عن موقع هذه التوصية من ذلك؟
من جانبه رأى العضو أسامة قباني أن تلك التوصية تنفيذية تفصيلية.. وتحتاج إلى ميزانية ضخمة لتطبيقها وسط عشرات الآلاف من القرى وعشرات المدن وآلاف الأحياء.. وعلق بعدم رؤيته لصدورها من المجلس فهي عامة في المضمون وتفصيلية في الهدف.
م. النقادي: التوصية ضمن المهام الرقابية
رئيس اللجنة المهندس محمد النقادي استشهد بقرارات سابقة للمجلس تجاه العديد من الأمور التنفيذية كتوصية التوسع بإنشاء دورات مياه في المشاعر المقدسة.. مشيرا إلى أن ذلك يأتي ضمن ممارسة المجلس مهامه الرقابية.. وبعد إخضاع التوصية للتصويت حصلت على 47 صوتا مؤيدا مقابل 62 صوتا معارضا.
وعلق م. النقادي عقب الجلسة بأن اللجنة ستنظر صلاحية نظرها في الأمور التنفيذية بصفة ممارسة المجلس مهامه الرقابية بعد العودة إلى أعضائها وعدد من المستشارين.
كما سقطت 3 توصيات إضافية مقدمة من الدكتور عبد الملك الخيال دعا فيها وزارة الشؤون البلدية إلى إيجاد مواقف للسيارات ذات رسوم بالعدادات وتعيين قطع أراضي للمواقف فارغة لكل مشكلة مواقف سيارات في المدن المزدحمة، فيما كانت التوصية الإضافية الثانية مقدمة من عضو المجلس حسن الشهري طالب فيها بدراسة السماح بزيادة ارتفاع المباني في المناطق ذات الطبيعة الجغرافية الجبلية، والتوصية الإضافية الثالثة مقدمة من الدكتور عبد الله العتيبي دعا فيها إلى قصر الترخيص لبيع المنتجات الطبية على الجهات ذات العلاقة (وزارة الصحة، الهيئة العامة للغذاء والدواء) حتى يسهل مراقبتها من ذوي الاختصاص.
تقرير هيئة السوق المالية
وكان المجلس قد استمع إلى وجهة نظر لجنة الشؤون المالية، بشأن ملحوظات الأعضاء وآرائهم تجاه التقرير السنوي لهيئة السوق المالية للعام المالي 1432 - 1433 هـ، وشدد المجلس على ضرورة أن تقوم هيئة السوق المالية بوضع الآليات التي تشجع على التحول من التداول الفردي إلى التداول المؤسسي.
كما طالب المجلس إدارة هيئة السوق المالية بإحالة المخالفين لنظام السوق بموجب المادة التاسعة والخمسين إلى لجنة الفصل في منازعات الأوراق المالية وعدم التوسع في فرض الغرامات مباشرة من قبل مجلس إدارة الهيئة.
وعرض المجلس توصية إضافية مقدمة من العضو الدكتور منصور الكريديس طالب فيها قيام هيئة السوق المالية بدراسة أسباب ضعف تدفقات استثمارات الأجانب من خلال اتفاقيات المبادلة.
لا جدوى لترك السوق على حالها
وقد أيد التوصية عضو المجلس المهندس عبد المحسن الزكري الذي اعتبر أن السوق السعودي يعد من الأسواق المؤثرة عالميا، وطالب بفتح السوق المالية للأجانب بشكل تدريجي.. ورأى عدم جدوى ترك السوق على صفتها الحالية دون دخول مستثمرين أجانب إلا عن طريق التبادل غير الناجح (على حد وصفه).
وبين م. الزكري أن العمل في السوق المالية السعودية يقتصر على الأفراد.. وسط بحثنا عن تنظيم له من قبل شركات ومؤسسات وصناديق عالمية.. مشيرا إلى أن جميع الأسواق المالية العالمية تسمح للأجانب من التعامل معها.
إعادة الهيكلة
من جانبه قال عضو المجلس المهندس محمد القويحص إن المملكة قد فتحت للاستثمارات الأجنبية مجالا واسعا من خلال إقرار نظام الاستثمار الأجنبي، وهناك مئات المليارات من الاستثمارات الأجنبية داخل المملكة.. وبالتالي فإن وجود استثمار أجنبي في سوق المال يعد أمرا طبيعيا بحكم افتتاح السوق السعودي بصفة عامة للاستثمارات الأجنبية.
ومضى م. القويحص في القول إن المملكة عضو في مجموعة العشرين (g20)، ومن الطبيعي أن تصل إلى مستويات اقتصادية عالمية، والسوق المالية السعودية تحتاج إلى إعادة هيكلة وإلى نقلة نوعية.. فهي تعتمد حالياً على الاستثمارات الفردية وعلى المضاربات وتستند إلى الشائعات.
الشائعات توجه السوق
واستشهد م. القويحص بما شهده السوق في الأسبوع الماضي حين انتشرت شائعة خبيثة حول صحة خادم الحرمين - حفظه الله - وهبط السوق بشكل جذري بلغ أكثر من 5% خلال 3 - 4 أيام، وحين ظهور خادم الحرمين بعد نجاح العملية الجراحية وتماثله للشفاء بدأ السوق بتعديل مساره.
وطالب م. القويحص بتحويل السوق المالية السعودية إلى سوق مؤسسي منظم.. تدخل فيه أفكار جديدة.. ولا يكون سوقا يعتمد ويدار من خلال الشائعات.
100 مليار تحويلات الأجانب
وأيد م. القويحص التوصية متكئاً على وجود أكثر من 8 ملايين مقيم أجنبي في المملكة يقومون بتحويل ما يزيد على 100 مليار ريال سنوياً وفقا لما هو معلن.. دون الاقتصاد الخفي الذي يتم من خلاله تحويل مليارات أخرى.
وتساءل م. القويحص عن عدم السماح للأجانب بالدخول بالاستثمارات الداخلية للمحافظة على تلك الأموال داخل المملكة.. ورأى أن إتاحة سوق المال للاستثمار الأجنبي يؤدي إلى عدم تحويل مدخرات المقيمين في المملكة إلى الخارج.
وطالب هيئة السوق المالية العمل بجدية إلى تحويل السوق إلى سوق مؤسسي وإيقاف المضاربات وتوجيهه من خلال الشائعات.
لا نحتاج إلى المال
كما وافقه في الرأي العضو الدكتور سعيد الشيخ في حين عارض الدكتور عبد الرحمن المشيقح إقرار التوصية مرجعا ذلك إلى عدم حاجة المملكة للأموال (على حد وصفه) فهي تسهم بشكل كبير من خلال القطاع الخاص في استثمارات خارجية.. كما أن الدولة لديها احتياط يتجاوز 2 ترليون.
نقل التقنية
ومضى د. المشيقح في القول إن القضية لا تتعلق بالمال وإنما بنقل التقنية.. وتوجه الوزارات المعنية بإنشاء شركات ضخمة.. التي يمكن للاستثمار الأجنبي المشاركة فيها.. مستشهدا بوكالات السيارات الموجودة في المملكة منذ 50 - 60 سنة.. دون افتتاح مصنع لها داخل المملكة.
وقال إنه من الممكن أن (تركع) الشركة.. فالسوق المتاحة بالمملكة ضخمة.
وزارة العمل وملاحقة الفقراء
وأبدى د. المشيقح تعجبه من ملاحقة وزارة العمل لمؤسسات صغيرة ومتوسطة و(فقراء).. ضمن مطالبتها بالسعودة.. وتترك جمع رجال الأعمال لإنشاء شركات كبرى توظف بها السعوديين.
وبعد عدد من المداخلات خضعت التوصية للتصويت لتحصل على 66 صوتا مؤيدا مقابل 50 صوتا معارضا ولم يكتب لها النجاح.
التأمين
بعد ذلك استمع مجلس الشورى إلى تقرير لجنة الشؤون المالية بشأن وضع الترتيبات لإلزام ملاك المصانع والمنشآت السكنية وما شابهها بتوفير الغطاء التأميني لها، والمعاد إلى المجلس لدراسته.
وأكدت اللجنة أنه وبعد الدراسة اتضح لها أهمية الغطاء التأميني للمصانع والمنشآت السكنية وما شابهها من جهة، وخطورة التعجل في تبنيه من جهة أخرى، وعلى الرغم من فوائد الموضوع الكبيرة وآثاره العالية في حماية المواطنين ورفع معايير السلامة في المنشآت، إلا أنه وفي الوقت نفسه هناك إشكاليات كبيرة تتطلب تريثاً وتأملاً دقيقاً.
ورأت اللجنة عدم مناسبة الإلزام في الوقت الراهن بالتأمين التعاوني تجاه الغير على المنشآت والأنشطة الأهلية، إلى حين توافر البيئة التشريعية والإدارية المناسبة لصناعة التأمين بشكل شامل.
رفض توصية اللجنة
بعد ذلك طرح التقرير للنقاش والمداولة حيث رأى غالبية الأعضاء الذين داخلوا على الموضوع عدم ملاءمة توصية اللجنة ورأوا ضرورة أن يتوجه المجلس للأخذ بما رأته الحكومة وتمثل في الإلزام بالتأمين.
وقد طالب العضو الشيخ عازب آل مسبل بضرورة دراسة الموضوع بشكل مفصل مع الإطلاع على الفتاوى الشرعية والقانونية والنظامية المنظمة لعمليات التأمين وأن تتم إحالته إلى لجنة خاصة لدراسة الموضوع، مشيرين إلى أن الإشكالية التي تواجه هذه الدراسة تتركز في مسألة فرض الأقساط التي تجبى على المؤمن عليهم وتكون شركات التأمين هي الرابح الأكبر.
واعتبر عدد من الأعضاء التأمين الإلزامي بأنه نقلة تنموية نوعية، وأشاروا إلى أن للمملكة تجارب ناجحة في إلزامية التأمين خصوصاً في مجالي الصحة والمرور، مما ساعد على تطور وتطوير الخدمات المقدمة في هذا الشأن.
وأكد عدد من الأعضاء أن التأمين الإلزامي أصبح ضرورة من ضرورات العصر، وهو مهم جداً لحفظ الحقوق، كما يساهم في الرقي بجودة المنشآت الأهلية وجعلها أكثر أماناً حيث تخضع لرقابة ومتابعة من قبل شركات التأمين، مما يساعد على تفادي حدوث كوارث أو خسائر فادحة لا قدر الله.
وفي نهاية مناقشة الموضوع وافق المجلس على منح اللجنة فرصة لعرض وجهة نظرها تجاه ما أبداه الأعضاء من آراء وملحوظات في جلسة قادمة.