ليس من السهل الالتزام بالضوابط التي تشيع أجواء الهدوء بين المتعارضين والمتخالفين، لأن جيَشان العواطف أثناء الحوار يمكن أن يحدث في أية لحظة بسبب كلمة تنبو من أحد المتحاورين، أو نظرة يفهمها أحدهما خطأ، أو غير ذلك من الأسباب التي تثير المتحاورين.
ومع ذلك فإن المحاور الذي يريد الحق وينشد الحقيقة أقرب إلى القدرة على مراعاة ضوابط الحوار مع من يخالفه وهنالك نماذج كثيرة قديما وحديثا، فمن القديم الشافعي رحمه الله الذي قال، ما جادلت أحدا إلا وددت أن يظهر الله الحق على لسانه أو لساني، وابن تيمية في حواراته مع الملاحدة والمخالفين له في الرأي، ومن الحديث الشيخ عدنان عرعور في حواراته الشهيرة مع كبار الشيعة.
الدكتور أحمد سعد حمدان -عافاه الله وشفاه- أستاذ العقيدة في قسم الدراسات العليا في جامعة أم القرى جمع عدداً من الضوابط الفقهية للتعامل مع المخالف في المسائل الأصلية والفرعية في كتاب صدر عن دار الدراسات العلمية بمكة المكرمة وشرحها باختصار في أكثر من مئتي صفحة.
سبعة وعشرون ضابطا، أحسبها كافية -إذا طبقت- أن توفر جواً هادئاً مفيداً في حوارات العلماء والمفكرين، مهما كان اختلاف الرأي بينهم.
يمكن ذكر تلك الضوابط إجمالا للفائدة، 1-سلامة النية والقصد. 2-الحذر من تزكية النفس. 3- قبول الحق. 4-التعامل مع الخلاف على أنه أمر طبعي. 5-مراعاة القدرة العقلية. 6- مراعاة البيئات المختلفة. 7-لا بد من نص صحيح لإنكار مسائل الاجتهاد. 8- البعد عن الحوار المعلن إلا للضرورة. 9-عدم التجاوز في الرد. 10-وجوب تعظيم حرمات الله. 11 -التعامل مع الظاهر. 12-إنصاف المخالف. 13-العدل. 14-عدم تنقيص المخالف. 15-التريث في إصدار الحكم. 16 -التعامل مع القول لا مع قائله. 17-عدم تقديم الرأي على الشرع. 18-عدم صبغ مسائل الشرع بطبيعتنا البشرية. 19 -عدم التعصب. 20-عدم تضخيم خطأ المجتهد. 21-استبعاد فكرة العداوة مع المجتهد المخطئ. 22-المجتهد المخطئ معفو عن خطئه. 23 -الخطأ في التأويل لا يخرج من الملة. 24-المعصية لا تخرج من الدين إلا إذا استحلها مرتكبها. 25-الشهادتان والصلاة تعصمان دم المخالف وعرضه. 26-وجوب التعاون مع المخالف لنصرة الدين. 27-الحرص على جماعة المسلمين.
يا لها من ضوابط لو روعيت في حوارات المتخالفين لجلبت للناس خيراً كثيراً.
إشارة
لا يخلو كلام البشر من كونه صوابا يحتمل الخطأ أو خطأ يحتمل الصواب.